للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي عبارة الشيخ ابن الحاجب: أن الحكم على الأول كان خطأ (١)، فحكم بعض الأفاضل المذكور آنفًا: بأن مذهبه عدم المجيء في المتبوع قطعًا في قولك: جاءني زيد، وعمرو. قلت: عبارة الشيخ يجب تأويلها: بأن مراده: أن المقصود لما كان الاخبار عن التابع، والمتبوع لم يكن مقصودًا بالإخبار، فالتعرض له غلط من المتكلم.

وإنما قلنا: يجب تأويله: لأن القول: بأن المجيء منتف عن المتبوع لم يقل به أحد، ولا يدل عليه كلامه صريحًا، ولا دلالة للفظ عليه، وصاحب المفتاح سَوَّى بين مذهب الجمهور، والمبرد في النفي، قال: "وما جاءني بكر، بل خالد، لإفادة مجيء خالد تارة، ولا مجيئه أخرى" (٢).

وتحقيق معنى بل على ما شرحناه من نفائس الأبحاث.

ثم حاصل كلام المصنف: أن الإضراب نوعان:

الأول: لإبطال ما تليه، ومُثِّل في بعض الشروح (٣) بقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} [المؤمنون: ٧٠]، وهذا - في التحقيق - هو القسم الذي بعد النفي: لأن قولهم: {بِهِ جِنَّةٌ} أرادوا به نفى حقيقة ما جاء به، إطلاقًا للملزوم، وإرادة اللازم، إذ الجنون يقتضي عدم الإرادة في الأفعال، وعدم الفرق بين الحسن، والقبيح، فالمجيء بالحق عنه بمراحل.


(١) راجع: شرح الكافية: ١/ ١٢٧.
(٢) راجع: مفتاح المعلوم للسكاكي: ص / ٥٨.
(٣) مراده في المحلي على جمع الجوامع: ١/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>