للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلوبًا وجوده، فهي لطلب الفعل مطلقًا، وما ذكروه تفصيل لذلك الطلب. قال: وقد تأتي للنفي، ومثل لذلك بقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} [يونس: ٩٨] أي: ما كانت.

والمحققون - على أنها على أصلها - وهو التوبيخ، أي: لم لا تؤمنون قبل معاينة العذاب، وحصول البأس الذي لا ينفع الإيمان عنده، تعليلًا لعدم قبول إيمان فرعون عليه لعائن الله، عاش أربع مئة سنة ما مسه فيها ألم يومًا، ولم يصرف يومًا بصره إلى أمر المعاد، وتحصيل الجنة الباقية، ولما أدركه غضب الله، وأحاط به سرادقات القهر والانتقام آمن ثلاثة أنواع من الإيمان: إذ قوله: {آمَنَتْ} نوع من الإيمان: لأنه كان دهريًا، وقول الدهري: آمنت إسلام منه، ثم قال: {لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} نوع ثان من الإيمان، وقوله: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (١) نوع ثالث من الإيمان.

وإنما قيد قوله: بالإله الذي آمنت به بنو إسرائيل قطعًا للشركة، والربوبية التي كان يدعيها لنفسه الخبيثة أيام شوكته الذاهبة، ودولته الخاسرة.


(١) والآية هي: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٩٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>