للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ولو بلغه الخبر، ولاح له إخراج ولد الأمة لم يدل على إخراج صورة السبب: لأن ذلك واقع في عهده - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن إخراجه.

غايته: أن ولد الأمة بعض أفراد العام، أخرجه بدليل آخر مخصص لذلك، وأيّ تعلق لهذا الكلام بصورة السبب؟ .

ثم قال والد المصنف: ويقرب من صورة السبب خاص ذكر في القرآن، وتلاه، أي: تبعه - في المصحف - عام.

مثاله: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [النساء: ٤٤, ٥١] (١)، فإنه خاص في طائفة من أهل الكتاب، مثل: كعب (٢)


(١) والأخيرة، أي الآية ٥١ من سورة النساء هي المرادة هنا، وتمامها: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} فعن عكرمة قال: جاء حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة، فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب، وأهل القديم، فأخبرونا عنا، وعن محمد، فقالوا: ما أنتم، وما محمد؟ .
قالوا: نحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونفك العاني، ونصل الأرحام، ونسقي الحجيج، وديننا القديم، ودين محمد الحديث قالا: بل أنتم خير منه، وأهدى سبيلًا، فأنزل الله الآية السابقة والتي بعدها: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: ٥٢].
راجع: أسباب النزول للواحدي: ص/ ١٠٣، وجامع البيان: ٥/ ٨٥، وتفسير ابن كثير: ١/ ٥١٤، وفتح القدير للشوكاني: ١/ ٤٧٨ - ٤٧٩.
(٢) هو كعب بن الأشرف الطائي من بني نبهان شاعر جاهلي دان اليهودية، كانت أمه من بني النضير، وصار سيدًا في أخواله، ويقيم في حصن له قرب المدينة ما زالت آثاره باقية إلى اليوم، أدرك الإسلام، ولم يسلم، واشتد إيذاؤه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هجاء، =

<<  <  ج: ص:  >  >>