للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق: أن الإمام لما عرف النسخ بأنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم، فهو قائل: بأن سقوط الرجلين ليس نسخًا مصطلحًا، فلا وجه لمؤاخذة مثل ذلك الإمام بما تسامح فيه، بعد ظهور مراده (١).

قوله: "ويجوز على الصحيح نسخ بعض القرآن".

أقول: النسخ إما للتلاوة، والحكم (٢) / ق (٨٢/ ب من أ)، أو لأحدهما، والكل جائز عندنا (٣).


(١) ما نقل عن الإمام ذكره في باب العموم في بحث تخصيص العموم بالعقل، وفي باب النسخ ذكر عكسه، فقال في باب العموم: "فإن قيل: لو جاز التخصيص بالعقل، فهل يجوز النسخ به؟ قلنا: نعم؛ لأن من سقطت رجلاه، سقط عنه فرض غسل الرجلين، وذلك إنما عرف بالعقل".
وقال - في باب النسخ -: "ولا يلزم أن يكون العجز ناسخًا لحكم شرعي لأن العجز ليس بطريق شرعي" المحصول: ١/ ق/ ٣/ ١١٣، ٤٢٩، ففهم البعض من كلامه التناقض، ولا تناقض، إذ لعله استعمل ما ذكره المصنف في أحد معانيه اللغوية، فيكون من قبيل التوسع في مفهوم النسخ، ولا يكون مراده أن العقل ينسخ به، بل يعني أن العقل أدرك سقوط الفرض لسقوط محله.
ولما فهم الإمام القرافي عن الإمام القول بأن العقل ناسخ، أخذًا بقوله في باب العموم الذي سبق فقد رد عليه بما يطول ذكره، والأولى حمل كلامه على ما سبق.
راجع: النفائس: (٢/ ٢٠١/ أ - ب)، وتشنيف المسامع: ق (٧٦/ أ)، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٧٥ - ٧٦، وهمع الهوامع: ص/ ٢٣٠.
(٢) آخر الورقة (٨٢/ ب من أ).
(٣) أجمع العلماء على امتناع نسخ جميع القرآن: لأنه معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم - المستمرة، وخالف في هذه المسألة مكي بن أبي طالب حيث أجاز أن ينسخ الله جميع القرآن بأن يرفعه من صدور عباده. وأما نسخ بعضه فالخلاف كما ذكر الشارح. =

<<  <  ج: ص:  >  >>