للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحيث ما وجد زيد قائم يثبت قيامه، فلم يتصور الكذب في الكلام] (١)، وهذا مختار الإمام وبعض المتأخرين (٢).

والتحقيق - في هذا المقام -: هو أن الخبر مثل زيد قائم إذا صدر عن المتكلم بالقصد يدل على الإيقاع، وهو الحكم الذي صدر عن المتكلم، ويدل - أيضًا - على الوقوع، فكل منهما يسمى حكمًا، فاحتمال الصدق، والكذب، وصدق الخبر، أو كذبه في نفس الأمر، إنما هو باعتبار الإيقاع لأنه المتصف بذلك لا الوقوع، وأما باعتبار إفادة المخاطب، فالحكم هو الوقوع لأنك إذا قلت: زيد قائم إنما يفيد المخاطب وقوع القيام لا أنك أوقعت القيام على زيد، فإنه لا يعد فائدة.

فإن قلت: لو دل زيد قائم على الوقوع لم يوجد الكذب في خبر قط؛ لامتناع تخلف المدلول عن الدليل.

قلت: دلالة اللفظ على المعنى وضعية لا عقلية، فجاز التخلف لمانع، كما في المجاز، ولذلك قال بعض (٣) أئمة العربية: إن الصدق هو مدلول الخبر، والكذب احتمال عقلي.


(١) ما بين المعكوفتين سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٢) وذهب القرافي إلى أن مدلول الخبر هو ثبوت النسبة لا إثبات الحكم بالنسبة لأن العرب لم تضع الخبر إلا للصدق لاتفاق اللغويين، والنحويين على أن معنى قام زيد، حصول القيام منه في الزمن الماضي، واحتماله الكذب ليس من الوضع، بل من جهة المتكلم، وهذا ما رحمه سعد الدين التفتازاني، وغيره.
راجع: المحصول: ٢/ ق/ ١/ ٣١٧، وشرح تنقيح الفصول: ص/ ٣٤٦، والمطول على التلخيص: ص/ ٤١، والغيث الهامع: ق (٨٥/ أ)، والفروق: ١/ ٢٤، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ١١٣ - ١١٤، وغاية الوصول: ص/ ٩٤، وهمع الهوامع: ص/ ٢٥٤، وإرشاد الفحول: ص/ ٤٤.
(٣) جاء في هامش (أ): "هو الرضي".

<<  <  ج: ص:  >  >>