إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فما له من هاد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبعد: فهذا كتاب "بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن" نقدمه للقراء الكرام، بعد ما تفضل الأَخ الشيخ "أبو إسحاق الحويني" علينا بأن ننشره - جزاه الله خيرًا.
نقدمه في وقت تنمر فيه بعض المستغربين للحط على السنة وأهلها، وأطلّت على الأمة نابتة سوء وُجهت للغوص في بطون الكتب، لا هَمَّ لها سوى إخراج الأقوال الباطلة، والأصول المتهاوية والحيل الكاذبة، والزلات الغائرة. لصد المسلمين عن طريق السنة وما فيه صلاح الأمة.
فإذا سئلوا عن شيء من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعبادته وأحكامه وفتاويه، أجابوا والشيطان ممليهم إما بحديث مكذوب، أو حيلة متهالك متعالم، أو زلة فقيه عالم، أو غير ذلك من الشرور والمخازي، فأضاعوا السنة، وخرقوا البنية، وساء ما يفعلون، و {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} فانتبه يا هذا فإنك على خطر شديد، استحضر عند كتابتك ما يبقى بعدك {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} واتق الله في الغلط على الأئمة إذا نقلت مذاهبهم، فلا تنسب إليهم ما لم يقولوه، واحذر أن تجتمع فيك الشرور بتتبع رخصهم وزلاتهم.
وبعد: فكتابنا الذي نقدمه اليوم -قارئي الكريم- هو تقريب وتهذيب وتحقيق وخدمة لكتاب من كتب السنة، والتي هي علم الصدر الأول والتي وصفها الصادق الأمين بمماثلة القرآن المبين فقال:" ... ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" وفي رواية أخرى: " ... ألا إن ما حرَّم رسول الله مثل ما حرَّم الله".
قال الحافظ "الخطيب البغدادي": (... ولما كان أكثر الأحكام لا سبيل إلى معرفته إلا من جهة النقل لزم النظر في حال الناقلين، والبحث عن عدالة الراوين، فمن