إنَّ الحَمْد لله تعالى نحمدُهُ، ونستعينُ به ونستغفرُه، ونَعُوْذُ بالله تعالى من شُرور أنفُسنا، وسيئات أعمالنا، مَنْ يَهْد اللهُ تعالى، فلا مُضل له، ومن يُضللْ فلا هَادى له. وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك لَهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ.
أمَّا بَعْدُ:
فإنَّ أصْدَقَ الحديث: كتابُ الله تعالى، وأحْسنَ الهَدْى، هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.
فهذا هو الجُزْءُ الثاني من "بَذْل الإحسان"، أقدمُهُ للباحثين، بعد أنْ ظلَّ حبيس المطبعة نحو عام، بَلْ أكْثَرُ، ولولا لطفُ الله تعالى، لطال أمدُهُ وتأخَّر، وذاك بسبب حَرْب الخليج التي زكا أوَارُها، واشتدَّ ضرامُها، فلله الأمر من قبلُ ومن بَعْدُ.
وقد أودعتُ فيه ما نمى إليه علمى، وبلغه فهمى، وكابَدْتُ فيه من الجُهْد، ما أكلُ تقديره لأهل العلم بالنَّقْد، وفي كُل هذا أحاولُ أن أتجنَّبَ -مَا استطعتُ- التقصيرَ فيما اشتَرَطْتُهُ على نفسى أن يكون كتابًا جامعًا عمليًّا لشتات ما تفرَّق في هذا الفن.
ذلك أنني لم أدَعْ مسألةً -إلا ما ندَّ عنِّي- تمرُّ بي إلا قَلَّبْتُ فيها وجوه النَّظر، وأطَلْتُ فيها التأمُل والسَّهر، فكم من ليالٍ أنفقْتُها في تصويب تحريف