= "تفرَّد به عبدُ الملك من بين أصحاب عطاء، ثُمَّ عطاء من بين أصحاب أبي هريرة. والحفاظ الثقات من أصحاب عطاء، وأصحاب أبي هريرة يروونه: "سبع مرَّاتٍ"، وعبد الملك لا يقبلُ منه ما يخالفُ الثقات، ولمخالفته أهل الحفظ والثقة -في بعض رواياته- تركه شعبة بنُ الحجاج، ولم يحتج به البخاري في "صحيحه" وقد اختُلف عليه في هذا الحديث، فمنهم من يرويه عنه مرفوعًا، ومنهم من يرويه من قول أبي هريرة، ومنهم من يرويه عنه من فعله. ثم قال: وقد اعتمد الطحاوي على الرواية الموقوفة في نسخ حديث "السبع"، وأنَّ أبا هريرة لا يخالف النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه، وكيف يجوز ترك رواية الحفاظ الأثبات من أوجهٍ كثيرةٍ لا يكونُ مثلها غلطًا برواية واحدٍ قد عرف بمخالفة الحفاظ في بعض أحاديثه" اهـ.
* قُلْتُ: وقد ثبت فيما مضى أن أبا هريرة أفتى بالغسل سبعًا بإسنادٍ كالشمس في رابعة النهار، ولا شك أن قول أبي هريرة الموافق للسنة أولى من قوله المخالف لها.
وقد قال الحافظُ في "الفتح"(١/ ٢٧٧):
"قد ثبت أنه -يعني أبا هريرة- أفتى بالغسل سبعًا، ورواية من روى عنه موافقة فُتياه لروايته أرجح من رواية من روى عنه مخالفتها من حيثُ الإسناد ومن حيث النظر. أمَّا النظر فظاهرٌ، وأما الإسناد فالموافقه وردت من رواية حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عنه.
وهذا من أصحِّ الأسانيد، وأما المخالفة فمن رواية عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عنه. وهو دون الأول في القوة بكثير" اهـ.=