"أُجيب بأنَّ كون الأمر بقتل الكلاب في أوائل الهجرة يحتاج إلى دليلٍ قطعي ولئن سلمنا ذلك فكان يُمكن أن يكون أبو هريرة قد سمع ذلك من صحابي أنه أخبره أن النبي عليه الصلاة والسلام لما نهى عن قتل الكلاب نسخ الأمر بالغسل سبعًا من غير تأخير، فرواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لاعتماده على صدق المروى عنه؛ لأنّ الصحابة كلّهم عدولٌ" اهـ.
* قُلْتُ: لم أظفر بدليلٍ صريح في أن الأمر بقتل الكلاب كان في أوائل الهجرة، وقائل هذه المقالة هو ابنُ حزم.
فقد قال في "المحلى"(١/ ١١٥):
"وقال بعضُهم: إنما كان هذا إذ أمر بقتل الكلاب، فلما نُهى عن قتلها نُسخ ذلك. ثم قال: وهذا كذبٌ بحتٌ لوجهين:
أحدهما: لأنه دعوى فاضحة بلا دليلٍ، وقفو ما لا علم لقائله به وهو حرامٌ.
الثاني: أنَّ ابن المغفل روى حديث النهى عن قتل الكلاب، والأمر بغسل الإناء منها سبعًا في خبرٍ واحد معًا، وأيضًا فإن الأمر بقتل الكلاب كان في أول الهجرة، وإنما روى غسل الإناء منها سبعًا أبو هريرة وابن مغفلٍ وإسلامُهُما متأخرٌ" اهـ.
ولكن المستغرب أن يطلب البدر العينى - رحمه الله - دليلًا قطعيًّا على كون الأمر بقتل الكلاب كان في أوائل الهجرة، ثم يبدى احتمالًا ضعيفًا مردودًا في أنَّ أبا هريرة سمع نسخ الأمر بالغسل من صحابيٍّ آخر. =