= * قُلْتُ: الاحتمالُ الذي ذكره الكرمانيُّ في "شرح البخاريّ"(٢/ ٢٠٦) أنَّ محمد بن يوسف إمَّا أن يكون البيكندى، وإمَّا الفريابى، واعتراضُ البدر العينى بدون تقديم الدليل شنشنةٌ عرفناها منه، العجيبُ قولُهُ:"جزمُ هذا القائل بأن سفيانَ هو الثورى لا دليل عليه" مع أنه قال بعد ذلك بأسطُرٍ: "والراجح أنه الثوريُّ لأن أبا نُعيم صرَّح به في كتابه" اهـ. وإذا ترجح أنه الثوريُّ، فقد يترجح أن الراوى عنه هو الفريابى، لأنه كثير الرواية عن الثورىّ لذلك لم ينسبهُ، والحافظُ أقعدُ في هذا الفنِّ من الكرمانى ومن العينى، وكم من ترجيحات رجَّحها البدرُ العينى ليس عليها دليلٌ واضحٌ مثل هذا الموضع، فالله تعالى يسامحُنا وإياهُ، فإن كثيرًا من اعتراضاته على الحافظ واهية، وبعضُها ساقطٌ دعاه إليه المنافرة الواقعة بينهما، حتى إنه كان حريصًا على تعقُّب الحافظ ما أمكنه ذلك، وإن لم يكن للاعتراض وجهٌ، مما أوقعه في تناقضٍ كثيرٍ، وهذا الموضع دليلٌ على ذلك:
فقد روى البخاريُّ في "كتاب العلم" من "صحيحه": باب ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كى لا ينفروا".
قال البخاريُّ: حدثنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا سفيان ... فقال العينى في "العمدة" (٢/ ٤٤):
"وقال الكرمانيُّ: هو محمد بن يوسف أبو أحمد البيكنديُّ، وهذا وَهَمٌ، لأنَّ البخارىَّ حيث يُطلق "محمد بن يوسف" لا يريد به إلَّا الفريابي (١)، وإن كان يروى عن البيكندىّ، فافهم"!!. =
(١) وممَّا يدلُّ على ذلك أن المزىَّ - رحمه الله - ذكر في "تهذيب الكمال" (١١/ ١٨٧) الرواة عن سفيان بن عيينة، فذكر منهم: "محمد بن يوسف البيكندى (خ)، =