أقسمتُ أنساها وأترُكُ ذِكْرها ... حتى تُغيَّب في الضَّريح عظامي
فلو كان المفي مؤكدا بالنون مثل تالله لا تحملانّ لم يجز حذف نافيه، لأنه حينئذ لا دليل على أن النفي مراد بل المتبادر إلى ذهن السامع أن الفعل مثبت، كما هو في قول الشاعر:
وقتيل مُرَّة أثأرنّ
وفي قول الآخر:
ليت شعري وأشعرنّ إذا ما ... قَرَّبوها منشورةً ودُعيتُ
أليَ الفوزُ أم عليّ إذا حُو ... سِبْتُ إنّي على الحساب مقيت
فإن يكن القسم مثبتا لم يجز حذف النافي المضارع عاريا كان من النون أو مؤكدا بها، هذا هو الأصل وقد يحذف حرف النفي والقسم محذوف إذا كان المعنى لا يصح إلا بتقدير النفي كقول النمر:
وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم ... تُلاقُونَه حتّى يَئوبَ المنخَّلُ
أراد: والله لا تُلاقونه. فحذف القسم وحرف النفي، لأن المعنى لا يصح إلا بتقديره، واحتيج إلى تقدير القسم لأن تقديره مصحح لحذف النفي، إذ لا يحذف مع غير زال وأخواتها إلا في جواب قسم بشرط كونه مضارعا غير مؤكد بالنون. وقد يحذف نافي الماضي عند أمن اللبس، كقول أمية بن أبي عائذ الهذلي:
فإن شئتُ آليتُ بين المقا ... مِ والركنِ والحجرِ الأسود
نسيتُكِ ما دام عقلي معي ... أمدُّ به أمَدَ السَّرْمَدِ