قلت وأنه لقوة كان، أنه ليس من الأفعال ما يقع بعد إن غير كان إلا ومعناه الاستقبال، لا تقول: إن جئتني أمس أكرمتك اليوم، ولم يُصَوّب ما ذهب إليه المبرد في هذه المسألة، وقد رده عليه ابن السراج فقال:"والذي قاله أبو العباس لست أقوله، ولا يجوز أن تكون إن تخلو من الفعل المستقبل لأن هذا نقض لأصول الكلام، وما وضعت له" قال: والتأويل عندي في قولهم: إن كنت زرتني أمس أكرمتك اليوم، أي إن تكن كنت ممن زارني أمس أكرمتك اليوم، فدلت كنت على تكن، وكذلك قوله تعالى:(إن كنت قلته فقد علمته) أي: إن أكن كنت، أو إن أقل كنت قلته، أو أقر بهذا الكلام. وقد حكى عن المازني ما يقارب هذا".
وقوله: "وقد يكون الجواب ماضي اللفظ والمعنى، مقرونا بالفاء مع قد ظاهرة أو مقدرة" أشار به إلى نحو قوله تعالى:(إن يسرقْ فقد سرق أخ له من قبل) وقوله تعالى: (إن كان قميصه قدّ من قُبُل فصدقت) تقديره: فقد صدقت، وهو عندي محمول على التأويل المذكور، ولا يستقيم أن يكون على غيره، لتقدم الشرط على الجزاء، واستحالة تقدم المستقبل على الماضي في الخارج أو في الذهن.
ولا ترد إنْ بمعنى إذ.
فصل: ص: لو حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه، واستلزامه لتاليه، واستعمالها في المضي غالبا، فلذا لم يجزم بها إلا اضطرارا، وزعم اطراد ذلك على لغة.