وحكى الشجري أن بعضهم يرى الجزم بها لغة، والمعروف أنه لا يجزم بها إلا في الضرورة، كقوله:
تامَتْ فؤادَك لو يَحزُنْك ما صنعت ... إحدى نساءِ بني ذُهل بن شيبانا
وقول الآخر:
لو يشا طار به ذو مَيْعةٍ ... لاحقُ الآطالِ نَهدٌ ذو خُصَل
وذهب الشيخ رحمه الله في شرح الكافية إلى منع الجزم بلو في السعة والضرورة، وقال عن تسكين النون من: يحزنْك: فهذا من تسكين ضمة الإعراب تخفيفا، كما قرأ أبو عمرو:(ينصرْكم) و: (يأمرْكم) و: (يشعرْكم) وكما قرأ بعض السلف: (ورُسُلْنا لديهم يكتبون) بتسكين اللام. وعن تسكين الهمزة من:"لو يشا" وهذا لا حُجة فيه، لأن من العرب من يقول: جايجي، وشايشا، بترك الهمزة، فيمكن أن يكون قائل هذا البيت من لغته ترك همزة يشاء، فقال: يشاء، ثم أبدل الألف همزة، كما قيل في: عالم وخاتم: عألم وخأتم، وكما فعل ابن ذكوان في:(تأكل منسأته) حين قرأ: منساته، بهمزة ساكنة، والأصل: مِنسأته، مفْعلة، مَن نسأه زجره بالعصا، ولذلك سميت منسأة، فأبدل الهمزة ألفا، ثم أبدل الألف همزة ساكنة، فعلى ذلك يحمل قوله: لو يشأ.
ص: وإن وليها اسم فهو معمولُ فعل مضمر مُفَسَّر بظاهر بعد الاسم، وربما وليها اسمان مرفوعان، وإن وليها "أنّ" لم يلزم كون خبرها فعلا، خلافا لزاعم ذلك.