وبنيت على حركة فرارا من التقاء الساكنين، وكانت الحركة فتحة لأنها أخف، والنطق بها بعد الياء الساكنة أسهل.
ومعنى كيف الاستفهام عن وصف منكور لموصوف بعده مذكور، فلذلك لا يبدل منها، ولا يجاب إلا بصفة نكرة، فيجب أن تكون عامة لجميع أحوال الموصوف حتى يصح أن يجاب بعضها. ولذلك تسمى اسم استفهام عن الحال.
قيل: معناها على أي حال، فتسمى ظرفا، لأنها في تأويل جار ومجرور، كما أن الظرف في تأويل جار ومجرور. ولا شك في صحة تقدير: على أي حال مكان كيف، وأن قولك: كيف زيد؟ في معنى: على أي حال زيد؟ ولكن ليس لأن كيف موضوعة لذلك المعنى، بل لأن معناها راجع إليه بنوع من اللزوم، ويدل على ذلك أمران: أحدهما: أنه كما يصح تقدير: على أي حال مكان كيف، كذلك يصح تقدير وصف مجرد من حرف جر مكانها، فيجوز أن يأتي بدل "كيف" من نحو: كيف أنت؟ أقائم أم غير قائم؟ وشبهه، فتقول: أقائم أنت أم غير قائم؟ فتفيد بذلك ما تفيده: كيف أنت؟ فيجب أن تكون حقيقة في الاستفهام عن الحال، لأن كونها ظرفا مستلزم لكثرة التضمين، ولتقدير الاستقرار، وكلاهما على خلاف الأصل.
الثاني: أن البدل من كيف إما منصوب، نحو: كيف سرت؟ أراكبا أم ماشيا؟ وإما مرفوع، نحو: كيف زيد؟ أصحيح أم سقيم؟ ولو كانت ظرفا لما كان البدل منها إلا مجرورا مثل ما تضمنته، فكان يجب أن يقال: كيف سرت؟ أعلى ركوب أم على مشي، وكيف زيد؟ أعلى صحة أم على سقم؟ كما يجب أن يقال: أين كنت؟ أفي الدار أم في المسجد؟ فلما لم يجب أن يقال ذلك، بل أبدلوا منها بدون حرف جر، علم أنها ليست ظرفا.
ولكيف صدر الكلام كغيرها من أدوات الاستفهام، ولا تخرج في الاستعمال عن أن تكون في موضع نصب على الحال، أو خبر مبتدأ في الحال أو الأصل، إلا ما شذ من نحو جرها بعلى في قول بعضهم: على كيف تبيع الأحْمَرَيْن؟ فإذا وقعت كيف قبل تام مستغن عنها كانت في موضع نصب على الحال، لأنها في