فبهذا يعلم أن ما أجازه الكوفيون من: إنه ضرب، وإنه قام، ونحوهما غير مستقيم ولا سليم، لافتتاحه بمزيد الاعتناء بالمحدث عنه، واختتامه بحذف ما لا بد منه.
وأما تجويزهم نحو: ظننته قائما زيد، على أن تكون الهاء ضمير الشأن، فمردود أيضا؛ لأن سامعه يسبق إلى فهمه كون زيد مبتدأ مؤخرا، وكون ظننت ومفعوليها خبرا مقدم، وذلك مفوت للغرض الذي لأجله جيء بضمير الشأن، لأن من شرطه عدم صلاحية الضمير لغير ذلك، حتى يحصل به من فخامة الأمر ما قصده المتكلم.
ص: وإفرادُه لازمٌ، وكذا تذكيرُه، ما لم يله مؤنث، أو مذكر شُبِّه به مؤنث، أو فعلٌ بعلامة تأنيث فيرجَّح تأنيثه باعتبار القصة، على تذكيره باعتبار الشأن. ويبرز مبتدأ، واسم ما، ومنصوبا في بابي إنّ وظنّ، ويَسْتَكِنُّ في بابَيْ كان وكاد.
ش: لا يجوز أن يكون ضمير الشأن مثنى ولا مجموعا، لأنه كناية عن الشأن في التذكير وعن القصة في التأنيث، وهما مفردان فوجب إفراد ما هو كناية عنهما، فيقال: إنه أخواك منطلقان، وإنها جاريتاك حسنتان، وإنه إخوتك صالحون، وإنها إماؤك مُطيعات، ولا يؤنث إلا إذا وليه مؤنث كقوله تعالى (فإذا هي شاخصةٌ أبصارُ الذين كفروا) أو مذكر شُبِّه به مؤنث نحو: إنها قمرٌ جاريتك، أو فعل بعلامة تأنيث مسندا إلى مؤنث كقوله تعالى (فإنها لا تعمى الأبصار) وقول الشاعر:
على أنها تَعْفُو الكلومُ وإنما ... نُوكلُ بالأدنى وإنَ جَلْ ما يمضي
فهذا وأمثاله التأنيث فيه أجود من التذكير، لأن مع التأنيث مشاكلة تحسن اللفظ