وقُيد العامل الذي عدمه المبتدأ بكونه لفظيا، إشعارا بأن للمبتدأ عاملا معنويا، وهو الابتداء.
ولما كان ما عدم عاملا لفظيا صالحا لتناول أسماء الأفعال، ولتناول الفعل المضارع العاري من ناصب وجازم، وكان المبتدأ ينقسم إلى مُخْبَر عنه وغير مخبر عنه، ذكرت مخبرا عنه والوصف المقيد، منعا لدخول ما لا يقصد دخوله، وجمعا لنَوْعَيْ المبتدأ.
والمراد هنا بالوصف ما كان كضارب أو مضروب من الأسماء المشتقة وما جرى مجراها باطراد. ومن الابتداء بالمشتق: أضاربٌ الزيدان؟ ومامضروبٌ الزيدان. وأذاهبةٌ جاريتاك؟ وأكريمة نساؤكم؟
ومثال الابتداء بما جرى مجرى المشتق باطراد: أقُرَشِيٌّ قومُك؟ وأقرشي أبواك؟ وهذه الأمثلة من أمثلة سيبويه ولو جعل مكان الهمزة منها حرف نفي لم يختلف الحكم، قال سيبويه: ومن قال: ذهب فلانة، قال: أذاهب فلانة؟ وأحاضر القاضي امرأة؟
وقُيِّد الوصف "بسابق" احترازا من نحو: الزيدان قائم أبواهما.
وقيدته "برافع" دون إضافة إلى فاعل، لأعم بذلك الوصف الرافع فاعلا، والرافع مفعولا، نحو: ما مضروبٌ العمران.
وأشرت بقولي "بتقييد المرفوع بالانفصال" إلى أن المرفوع بالوصف المذكور لا يسد مسد الخبر إذا كان متصلا، بل إذا كان منفصلا، وذكر الانفصال أولى من ذكر الظهور، فإن المنفصل يعم الظاهر والضمير غير المتصل، وكلاهما يسد مسد الخبر إذا ارتفع بالوصف المذكور، إذ لا فارق بين قولك: أضارب الزيدان؟ وما ضارب هما. قال الشاعر:
أمُرْتَجِعٌ لي مثلَ أيام حَنَّةٍ ... وأيام ذي قارٍ عليَّ الرَّواجعُ