كلام" ثم قال: "فالمبتدأ الأول، والمبني عليه ما بعده، فهو مسند ومسند إليه" ثم قال: "واعلم أن المبتدأ لا بد أن يكون المبني عليه شيئا هو هو، أو يكون في مكان أو زمان، وهذه الثلاثة يذكر كل واحد منها بعد ما يبتدأ به، فأما الذي بني عليه شيء هو هو فإن المبني يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء، وذلك قولك: عبد الله منطلق، ارتفع عبد الله لأنه ذكر ليبنى عليه المنطلق. وارتفع المنطلق لأن المبني على المبتدأ بمنزلته" هذا نصه، وقوله هو الصحيح، لسلامته مما يرد على غيره من موانع الصحة.
فأشهر الأقوال المخالفة لقوله أن الابتداء رافع المبتدأ والخبر معا، وهذا لا يصح لأربعة أوجه: أحدها: أن الأفعال أقوى العوامل، وليس فيها ما يعمل رفعين دون إتباع، فالمعنى إذا جعل عاملا كان أضعف العوامل، وكان أحق بألا يعمل رفعين دون إتباع.
الثاني: أن المعنى الذي ينسب إليه عمل ويمنع وجوده دخول عامل على مصحوبه كالتمني والتشبيه أقوى من الابتداء، لأنه لا يمنع وجوده دخول عامل على مصحوبه، والأقوى لا يعمل إلا في شيء واحد وهو الحال، فالابتداء الذي هو أضعف أحق بألا يعمل إلا في شيء واحد.
الثالث: أن الابتداء معنى قائم بالمبتدأ، لأن المبتدأ مشتق منه، والمشتق يتضمن معنى ما اشتق منه، وتقديم الخبر على المبتدأ ما لم يعرض مانع جائز بإجماع من أصحابنا، فلو كان الابتداء عاملا في الخبر لزم من جواز تقديمه على المبتدأ تقديم معمول العامل المعنوي الأضعف، وتقديم معمول العامل المعنوي الأقوى ممتنع، فما ظنك بالأضعف؟
الرابع: أن رفع الخبر عمل وجد بعد معنى الابتداء ولفظ المبتدأ، فكان بمنزلة وجود الجزم بعد معنى الشرط والاسم الذي تضمنه، فكما لا ينسب الجزم لمعنى