الرابع: أن الفعل المقدر جملة بإجماع، واسم الفاعل عند المحققين ليس بجملة، والمفرد أصل، وقد أمكن، فلا عدول عنه. فلهذه المرجحات وافقت الأخفش بقولي في الأصل:"معمول في الأجود لاسم فاعل كون مطلق، وفاقا للأخفش تصريحا، ولسيبويه إيماء" وخالفت ما ذهب إليه أبو علي والزمخشري من جعل الظرف جملة. ورجح بعضهم تقدير الفعل بأنه متعين في صلة الموصول، وهذا ليس بشيء، لأن الظرف الموصول به واقع موقعا لا يغني فيه المفرد، بل إذا وقع فيه مفرد تأول بالجملة، والظرف المخبر به واقع موقعا هو للمفرد بالأصالة، وإذا وقعت الجملة فيه تأولت بمفرد، فلا يصلح أن يعامل أحدهما معاملة الآخر.
ونبهت بقولي:"لاسم فاعل كون مطلق" على أن اسم فاعل كون مقيد، كمعتكف، وقارئ لا يغني عنه مجرد ذكر الظرف إذا قصد البيان.
والذي اخترته من تعرية الظرف من الخبرية والعمل هو مذهب أبي الحسن بن كيسان، وهو الظاهر من قول السيرافي، وتسميته خبرا على الحقيقة غير صحيح، وكذا إضافة العمل إليه لا تصح إلا على سبيل المجاز. وللكلام في هذا مواضع يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى معتضدا بعضها ببعض.
والكلام على حرف الجر المستغنى به كالكلام على الظرف، وقيدته بالتمام تنبيها على أن الناقص لا يغني، وهو ما لا يفهم بمجرد ذكره وذكر معموله ما يتعلق به، نحو: زيد عنك، وعمرو بك، فلا بد لنحو هذين من ذكر المتعلق به نحو: زيد عنك معرض، وعمرو بك واثق، فإن فهم المراد بدليل جاز الحذف نحو قولك: "أما زيد فبعمرو مأخوذ، وأما بشر فبخالد، أي فبخالد مأخوذ، فحذف مأخوذ لدلالة الأول عليه. وحرف الجر التام ما يفهم ما تعلق به بمجرد ذكره نحو:(الحمد لله) و (والأمر إليك) و (مَثَلُ نوره كمِشْكاة).