بفعله، وأنّ ما في موضع رفع بالفاعلية، كأنه قال: أحق حقا أن جيرتنا استقلوا، وتكون أما مع الفتح للاستفتاح أيضا، وأن تكون هي وما بعدها مبتدأ وخبر محذوف، كأنه قال: أما معلوم أنك ذاهب.
وقد يقع بين أما وإنّ يمين، فيجوز أيضا الفتح على مرادفة أما حقا، والكسر على مرادفتها ألا ذكر ذلك سيبويه.
وإذا وقعت بعد حتى كسرت إذا كانت حرف ابتداء، لامتناع تقدير مصدر في موضعها نحو قولك: مرض زيد حتى إنه لا يرجى. وإن كانت عاطفة أو جارة لزم الفتح لصحة تقدير مصدر مكانها نحو قولك: عرفت أمورك حتى أنك فاضل، فلك أن تقدر موضع أن مصدرا منصوبا على أن تكون حتى عاطفة، ومجرورا على أن تكون جارة.
وإذا وقعت بعد لا جَرَم فالمشهور الفتح، وبه قرأ القراء. قال الفراء: لا جرم، كلمة كثر استعمالهم إياها حتى صارت بمنزلة حقا، وبذلك فسرها المفسرون، وأصلها من جرمت أي كسبت. وتقول العرب: لا جرم لآتينّك، ولا جرم لقد أحسنت، فتراها بمنزلة اليمين. قلت: ولإجرائهم إياها مجرى اليمين، حكى عن بعض العرب كسر إن بعدها. وذكر ابن كيسان في نحو: والله إن زيدا كريم، بلا لام، أن الكوفيين يفتحون ويكسرون، والفتح عندهم أكثر. وقال الزجاجي في جمله: وقد أجاز بعض النحويين فتحها بعد اليمين، واختاره بعضهم على الكسر، والكسر أجود وأكثر في كلام العرب، والفتح جائز قياسا، كذا قال أبو القاسم.
قلت: قد تقدم قوله: والكسر أجود وأكثر في كلام العرب، وهذه العبارة تقتضي أن يكون الفتح مستعملا في كلامهم استعمالا أقل من استعمال الكسر، ثم أشار إلى أن الفتح جائز قياسا. وليس كما قال، فإن الفتح يتوقف على كون المحل مغنيا فيه المصدر عن العامل والمعمول. وجواب القسم ليس كذلك. والكسر يتوقف على كون المحل محل جملة لا يغني عنها مفرد، وجواب القسم كذلك،