مؤكدة ناصبة للاسم رافعة للخبر، وجعل الهاء اسمها، والخبر محذوفا، كأنه قال: إن الذي ذكرتن واقع كما وصفتن، فحذف الخبر للعلم به، واقتصر على الاسم. والذي زعم هذا القائل ممكن في البيت المذكور، فلو لم يوجد شاهد غيره لرجح قوله، ولكن الشواهد على كون إن بمعنى نعم مؤيدها ظاهر، ودافعها مكابر، فلزم الانقياد إليها، والاعتماد عليها. فمنها قول عبد الله بن الزُّبَيْر رضي الله عنه لابن الزَّبير الأسدي لما قال له: لعَنَ الله ناقة حملتني إليك: إنّ وراكبها. أراد: نعم، ولعن راكبها. ومنها قول حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه:
يقولون أعمى قلتُ إنّ وربما ... أكون وإني من فتى لبصير
ومنها ما أنشده أحمد بن يحيى من قول الشاعر:
ليت شِعْري هل للمحب شفاءٌ ... من جَوَى حبهن إن اللقاءُ
ونبهت في هذا الباب على ورود إنّ بمعنى نعم ليعلم بها، فتعامل بما تعامل نعم من عدم الاختصاص، وعدم الإعمال، وجواز الوقف عليها.
ومذهب البصريين أنّ إنّ تخفف فيقال فيها إنْ، فيبطل اختصاصها بالاسم، ويجوز عندهم إعمالها إذا وليها اسم، وعلى ذلك يحملون قوله تعالى:(وإنْ كلّا لما ليُوَفِّيَنَّهم ربُّك أعمالهم). في رواية نافع وابن كثير. وإهمالها أكثر. كقوله