للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النافية، واللام بعدها بمعنى إلا، ويجعلون النصب في: (وإنْ كلّا). بفعل يفسره ليوفينهم، أو بليوفينهم نفسه، وبه قال الفراء. وكلا القولين محكوم على أصولهم بمنعه في هذا المحل، أو بضعفه، لأنهم يوافقون في أن ما بعد إلا لا يعمل فيما قبلها، ولا يفسر عاملا فيما قبلها، ولذلك قال الفراء في كتاب المعاني: وأما الذين خففوا إنّ فإنهم نصبوا "كلا" بليوفينّهم، وهو وجه لا أشتهيه، لأن اللام لا يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله، فلو رفعت "كلا" لصلح ذلك كما يصلح: إن زيد لقائم. ولا يصلح أن تقول: إن زيدا لأضرب، لأن تأويله بقولك: ما زيدا إلا أضرب، وهذا خطأ في اللام وإلا فهذا نصه. فقد أقر بأن حمل القراءة على جعل إنْ نافية واللام بمعنى إلا خطأ، ولا شك في صحة القراءة، فإنها بقراءة المدنيين والمكيين، ولا توجيه لها إلا توجيه البصريين، وتوجيه الكوفيين خطأ بشهادة الفراء، فلم يبق إلا توجيه البصريين، فتعين الحكم بصحته. ويؤيد ما ذهب إليه البصريون قول سيبويه: وحدثنا من نثق به أنه سمع من يقول: "إنْ عمرا لمنطلق". وهذا نص لا احتمال فيه. وقال الأخفش: زعموا أن بعضهم يقول: إنْ زيدا لمنطلق، وهي مثل: (إنْ كل نفس لما عليها حافظ). يقرأ بالنصب والرفع، وأما قولهم: إنّ اللام بمعنى إلا فدعوى لا دليل عليها، ولو كانت بمعنى إلا لكان استعمالها بعد غير إنْ من حروف النفي أولى، لأنها أنص على النفي من إنْ، فكان يقال: لم يقم لزيد، ولن يقعد لعمرو، بمعنى لم يقم إلا زيد، ولن يقعد إلا عمرو، وفي عدم ذلك دليل على أن اللام لم يقصد بها إيجاب، وإنما قصد بها التوكيد، كما قصد مع التشديد.

وزعم أبو علي الفارسي أن اللام التي بعد المخففة غير التي بعد المشددة، واستدل بأن ما بعد هذه ينتصب بما قبلها من الأفعال نحو: (وإن كنا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>