ولضعفها بمباينة لفظها لفظ الفعل، لم يسمع من العرب إعمالها مع التخفيف، وأجاز يونس والأخفش إعمالها قياسا على ما خفف من إنّ وأنّ وكأنّ، ورأيهما في ذلك ضعيف.
ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد
قال ابن برهان مشيرا إلى هذا البيت: الجميع رووه عن العرب بالإلغاء والإعمال.
قلت: من رفع جعل ما كافة ليت كما كفت إنْ ما الحجازية، ومن نصب جعلها زائدة غير معتد بها، كما لم يعتد بها بين حرف الجر والمجرور به في نحو:(عما قليلٍ) و: (فبما رحمة من الله).
وأجاز سيبويه كون ليت في بيت النابغة عاملة على رواية الرفع، وذلك بأن تجعل ما موصولة أو نكرة موصوفة، والتقدير: ليت ما هو هذا الحمام لنا، فما اسم ليت، وهو مبتدأ محذوف، وخبره هذا، والجملة صلة ما أوصفتها، فليت بهذا التوجيه عاملة في الروايتين. هي حقيقة بذلك، لأن اتصال ما بها لم يزل اختصاصها بالأسماء بخلاف أخواتها فإن اتصال ما بها أزال اختصاصها بالأسماء، فاستحقت ليتما بقاء العمل دون إنما وكأنما ولكنما ولعلما، وهذا هو مذهب سيبويه.
وأجرى ابن السراج غير ليتما مجراها قياسا. وذكر ابن برهان أن أبا الحسن الأخفش روى عن العرب: إنما زيدا قائم، فأعمل مع زيادة ما، وعزا مثل ذلك إلى الكسائي عن العرب. وهذا النقل الذي ذكره ابن برهان رحمه الله يؤيد ما ذهب إليه ابن السراج من إجراء عوامل هذا الباب على سنن واحد قياسا، وإن لم يثبت سماع في إعمال جميعها. وبقوله أقول في هذه المسألة، ومن أجل ذلك قلت: القياس سائغ.