وحكى ابن الأعرابي في تثنيته فموان وفميان، وهذا يدل على أن الفرزدق ليس مضطرا في قوله:
هما نَفَثا في فِيَّ مِن فَمَوَيْهما
بل هو مختار لأنه قد ثبت القصر في الإفراد، وثبت بنقل ابن الأعرابي رحمه الله أن العرب قالت في تثنيته: فموان وفميان، وأطلق القول. فعلم أن ذلك غير مختص بنظم دون نثر.
وحكى اللحياني أنه يقال: فمّ وأفمام، فعلم بهذا النقل أن التشديد لغة صحيحة لثبوت الجمع على وفقها، فليس بمصيب من زعم أنّ التشديد لم يستعمل في غير ضرورة، بل الصحيح أن للفم ثلاث مواد: إحداها فَ مَ ى، والثانية ف م ووالثالثة ف م م، ومادة رابعة من ف وهـ، وكلها أصول متوافقة في المعنى، لا أن أصلها فَوه كما زعم الأكثرون، لأن ذلك مدَّعًى لا دليل عليه، مع ما فيه من الجمع بين البدل والمبدل منه في غير ضرورة، مع تصرف وتوسع، كما ثبت من اللغات المأثورة بالروايات المشهورة.
واللغة التاسعة النقص وإتباع الفاء الميم في الحركة الإعرابية وغيرها.
ولما أشير إلى هذه اللغة بُيِّنَ ما وافق الفمَ فيها فقيل: كما فعل بفاء مرء وعيني امرئ وابنم. ففي مرء لغتان: إحداهما فتح الميم مطلقا، وهي لغة القرآن، والثانية إتباعها الهمزة في حركات الإعراب.
وفي امرئ وابنم أيضًا لغتان: إحداهما فتح راء امرأ ونون ابنم مطلقًا، والثانية إتباعهما الهمزة والميم في حركات الإعراب، وهذه أفصح اللغتين.
ونحوهما فوك وأخواته عند سيبويه وأبي علي، وهو مذهب قوي من جهة القياس، لأن الأصل في الإعراب أن يكون بالحركات ظاهرة أو مقدرة، فإذا أمكن التقدير على وجه يوجد معه النظير فلا عدول عنه، وقد أمكن ذلك في هذه الأسماء فوجب