ومما يدل على صحة ذلك قوله تعالى:(إني أراني أعصر خمرا) فأعمل مضارع رأى الحلمية في ضميرين متصلين بمسمى واحد، وذلك مما يختص به علم ذات المفعولين وما جرى مجراها.
وألحق الأخفش والفارسي بعلم ذات المفعولين سمع الواقعة على اسم عين، ولا يكون ثاني مفعوليها إلا فعلا يدل على صوت، كقوله تعالى:(سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) ويجوز حذفه إن علم كقوله تعالى: (هل يسمعونكم إذ تَدْعون) أي: هل يسمعونكم تدعون إذ تدعون؟ ويجوز أن يكون مما حذف فيه المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فيكون التقدير: هل يسمعون دعاءكم؟ ولا يقال على هذا الحذف بلا دليل نحو أن يقال: سمعت زيدا، على تقدير: سمعت دعاء زيد، إذ ليس تقدير الدعاء بأولى من تقدير غيره. فلو وجد دليل على تعيين المحذوف كما في الآية حسن الحذف.
وقد تضمن سمع معنى أصغى فتتعدى تعديته، نحو:(لا يَسَّمَّعُون إلى الملأ الأعلى). ومعنى استجاب فيعدى تعديته، نحو: سمع الله لمن حمده.
فإن وقعت سمع على اسم ما يسمع لم تتعد إلا إليه نحو:(إنْ تدعُوهم لا يسمعوا دعاءكم) و: (يوم يسمعون الصيحة بالحق) ومن هذا القبيل قول الشاعر:
سمعتُ الناس ينتجعون غَيْثا ... فقلت لصيدَحَ انتجعي بلالا