وأجبتُ قائلَ كيف أنتَ بصالحٌ ... حتى مللتُ ومَلَّني عُوَّادي
ينشد بخفض صالح ورفعه، فمن خفضه فظاهر، ومن رفع فعلى تقدير: بقول أنا صالح، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو: أنا صالح، ثم حذف صدر الجملة وبقى عجزها.
أراد: نحن الذين قلتم تقاتلونهم، فاستغنى بالقول وحذف المحكي لدلالة ما بعده عليه، ولو فعل ذلك بغير صلة لجاز، كقولك: أنا قال زيد، ولو رآني لفر، تريد: أنا قال زيد يغلبني، ولو رآني لفر.
ومن الاستغناء في الصلة بالقول عن المحكي قول الشاعر:
لِمَ يا عمرو لم تَعُد بالذي قلـ ... ـت فتلقاه إذ خذلت نصيرا
وأما الاستغناء بالمحكي عن القول فكثير، وقد تقدمت الإشارة إليه بقوله تعالى:(فأمّا الذين اسودت وجوههم: أكفرتم) ومثله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب: سلام عليكم) ومثله: (والذين اتخذوا من دونه أولياء: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) أي يقولون: ما نعبدهم، وإلى نحو هذا أشرت بقولي: والعكس كثير.
وقد تقدم التنبيه على أن المفرد ينتصب بالقول وفروعه في موضعين، أحدهما: إذا كان بمعنى جملة كقلت حديثا. والثاني: إذا أريد به مجرد اللفظ كقلت لزيد عمرا، بمعنى أطلقت عمرا على المسمى بزيد. فإن علق بالقول مفرد بخلاف ذينك