للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجبل بالثقل في نحو: حملت الجبل، وبأن يكون التقدير في نحو: سآتيك أمس، سآتيك في مقابل أمس، لأن غدًا مقابل أمس، وكل ذلك مما قد يقصد، بخلاف الخطأ فإنه مناف للقصد.

وقد صرح سيبويه وغيره من أئمة النحويين بأن ما لم يفد ليس بكلام مفردًا كان كزيد، أو مركبًا دون إسناد كعبدك وخير منك، أو مركبًا بإسناد مقصود لغيره نحو: إن قمت، أو مركبا بإسناد مقصود لا لغيره لكنه مما لا يجهله أحد نحو: النار حارة. فيلزم مَنْ تَعَرَّضَ لحدِّ الكلام أن يحترز من ذلك كله بإيجاز.

فقولي: (ما تضمن من الكلم) إعلام بالجنس الذي منه الكلام، وأنه ليس خطًّا ولا رمزًا ولا نحو ذلك، وإنما هو لفظ أو قول أو كلم، فاللفظ أبعد الثلاثة لوقوعه على المهمل والمستعمل بخلاف القول والكلم، والقول مثل الكلم في القرب لتساويهما في عدم تناول المهمل، لكن قد يقع القول على الرأي والاعتقاد مجازًا، وشاع ذلك حتى صار كأنه حقيقة ثابتة، ولم يعرض هذا للكلم، فكان تصدير حد الكلام به أولى، لكن على وجه يعم المؤلف من كلمتين فصاعدًا، فلذلك لم أقل (الكلم المتضمن) لأن الكلم اسم جنس جمعي كالنبِق والطَرَف واللّبِن، وأقل ما يتناول ثلاث كلمات، وإنما قيل (ما تضمن من الكلم) فصدر الحد بما لصلاحيتها للواحد فما فوقه، ثم خرج الواحد بذكر تضمن الإسناد المفيد، فبقي الاثنان فصاعدا، وهو المراد.

واحترز بمفيد مما لا فائدة فيه نحو: السماء فوق الأرض، وتكلم أمس.

واحترز بمقصود من حديث النائم، ومحاكاة بعض الطيور الكلام.

واحترز بأن قيل "مقصود لذاته" من المقصود لغيره كإسناد الجملة الموصول بها والمضاف إليها، فإنه إسناد لم يقصد هو ولا ما تضمنه لذاته بل قصد لغيره، فليس

<<  <  ج: ص:  >  >>