كأنّ وقد أتى حوْلٌ جديدٌ ... أثافِيها حماماتٌ مُثُولُ
فلو أقمت مفردا مقام ولا عتب في المقدور، أو مقام والحوادث جمة، أو مقام وأبيك، أو مقام فالله أولى بهما، أو مقام ومن يكن غرضا لأطراف الأسنة ينحل، أو مقام وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، أو مقام وما عمري عليّ بهيّن، أو مقام والدهر ذو تبدّل، لوجدته ممتنعا، فدل ذلك على أنها جمل اعتراضية لا حالية، لأن الجملة الحالية لا يمتنع أن يقام مفرد مقامها، فهذا أحد الأمور الفارقة بين الجملة الاعتراضية والحالية. ومنها اقترانها بلن كقوله تعالى (فإنْ لم تفعلوا ولنْ تفعلوا) وبحرف تنفيس كقول زهير:
وما أدري وسوف إخالُ أدْري ... أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نساءُ
أو بالفاء كقوله تعالى (فاللهُ أولى بهما). وكقول الشاعر:
ألا أبلغُ بَنيَّ بني رَبيع ... فأشرارُ البنينَ لهم فداءُ
بأنّي قد كبرت وطال عُمْري ... فلا تَشْغَلْهُم عنّي النساءُ
وكقول الآخر:
واعلمْ فعِلْمُ المرءِ يَنْفَعُه ... أنْ سوفَ يأتي كلُّ ما قُدِرا
ومن الأمور الفارقة التي تتميز بها الجملة الاعتراضية كونها طلبية، كقول تعالى (ولا تؤمنوا إلّا لِمن تبع دينكم قلْ إنّ الهدى هدى اللهِ أن يُؤتى أحدٌ مثل ما أُوتِيتم) فقل إن الهدى هدى الله جملة معترضة بين "تؤمنوا" و"أن يؤتى أحد"