بساء عن بئس في قوله تعالى (ساء مثلا القومُ) وببئس عن ساء في قوله تعالى (بئس مثلُ القوم) وقد جمعا في قوله تعالى: (بئس الشرابُ وساءت مُرتفقا).
وأجرى باطراد مجرى نعم وبئس ما كان على فعُل مضمنا تعجّبا نحو حسُن الخلق حلم الحلماء، وعظم الكرم تقوى الأتقياء، وقبُح العمل عناء المبطلين، وشنُعت الوجوه وجوه الكافرين.
ومنه (كبُرتْ كلمةً تخرجُ من أفواههم) وقرئ بسكون الباء. فهذه من أمثلة فَعُل الموضوع. وأما أمثلة المحوّل من فَعَل وفَعِل فمنهما قولَ العرب لقَضُو الرجل فلان، وعلُم الرجل فلان، بمعنى نعم القاضي هو، ونعم العالم هو، وفيه معنى ما أقضاه وما أعلمه. ولا يقتصر في هذا النوع على المسموع كما لم يقتصر في التعجب، ومن كثرة مجيئه مستغنيا عن الألف واللام ومضمرا مطابقا لما قبله. فإذا قيل حسُن بزيد رجلا نزّل منزلة أحسن بزيد رجلا، وإذا قيل "حَسُن أولئك رفيقا" نزّل منزلة ما أحسنَ أولئك رفيقا.
وإذا قيل الزيدون كرُمُوا رجالا نزّل منزلة الزيدون ما أكرمَهم رجالا، فهذا سبب استحسان مع فعُل المذكور مما لم يستحسن مع نعم وبئس. ويحتمل قوله تعالى (كبُرت كلمةً) أن يكون مثل نعمت امرأة هند، على تقدير كبرت الكلمة كلمة، وهو قول ابن برهان، وأن يكون فاعل كبرت ضميرا يرجع إلى (اتخذ الله ولدا) وهو قول الزمخشري في الكشاف.