للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيّد، لأن استعمال أيّ في الاستفهام المتضمن تعجبا كثير كقوله:

أيُّ فتى هَيْجاءَ أنتَ وجارِها

وأيضا فإن قصد التعجب بما أفعله مجمع عليه، وكونه مشوبا بالاستفهام، أو ملموحا فيه الاستفهام زيادة لا دليل عليها، فلا يلتفت إليها.

وفي أفْعِل المتعجب به مع الإجماع على فعليته قولان: أحدهما أنه في اللفظ أمر وفي المعنى خبر إنشائي مسند إلى المتعجب منه المجرور بالباء، والثاني أنه أمر باستدعاء التعجب من المخاطب مسندا إلى ضميره وهو قول الفراء، واستحسنه الزمخشري وابن خروف. والأول هو الصحيح لسلامته مما يرد على الثاني من إشكالات: أحدها أنه لو كان الناطق بأفِعلْ المذكور آمرا بالتعجب لم يكن متعجبا كما لا يكون الأمر بالحلف والتشبيه والنداء حالفا ولا مشبّها ولا مناديا، ولا خلاف في كون الناطق بأفْعِلْ المذكور متعجبا، وإنما الخلاف في انفراد التعجب ومجامعة الأمرية. الثاني أنه لو كان أمرا مع الإجماع على فعليته لزم إبراز ضميره في التأنيث والتثنية والجمع، كما يلزم مع كل فعل أمر، متصرفا كان أو غير متصرف، ولا يعتذر عن ذلك بأنه مثل أو جار مجرى المثل، لأن المثل يلزم لفظا واحدا دون تبديل ولا تغيير في نحو "أطِرّي فإنك ناعلة" و"خلالكِ الجوُّ فبيضي واصفري"، والجاري مجرى المثل يلزم لفظا واحدًا مع اعتبار بعض التغيير نحو حبذا، ولله درك، فألزم لفظ حبذا ولله درك.

وأجيز أن تختم الجملتان بما كان للناطق بهما غرض في الختم به، وأفعِل المذكور لا يلزم لفظا واحدا أصلا، فليس مثلا ولا جاريا مجرى المثل. فلو كان فعل أمر مسندا إلى ضمير

<<  <  ج: ص:  >  >>