إلى أنّ قصد ثبوت معنى اسم الفاعل يسوّغ إضافته إلى ما هو فاعل في المعنى، ونصبه إياه على التمييز إن كان نكرة، وعلى التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة بشرط السلامة من اللبس. فيقال زيد ظالم العبيد خاذلهم، راحم الأبناء ناصرهم، إذا كان له عبيد ظالمون خاذلون، وأبناء راحمون ناصرون. قال أبو علي في التذكرة: من قال زيد الحسن عينين فلا بأس أن تقول زيد الضارب أبوين، والضارب الأبوين، والضارب الأبوان. والأبوان فاعل على قولك الحسن الوجهُ، الأمر في ذلك كله واحد. ومثله الضارب الرجل إذا أردت الضارب رجله.
قلت: هكذا قال أبو علي في التذكرة، ولم يقيد بأمن اللبس، والصحيح أن جواز ذلك متوقف على أمن اللبس. ويكثر أمن اللبس في اسم فاعل غير المتعدي، فلذلك يسهل فيه الاستعمال المذكور. ومنه قول ابن رواحة الأنصاري رضي الله عنه:
ومن يَكُ مُنْحلّ العزائم تابِعا ... هواه فإنَّ الرشْدَ منه بعيدُ
ومن وروده في المصوغ من متعدّ قول الشاعر:
ما الراحمُ القلبِ ظلّاما وإنْ ظُلِما ... ولا الكريمُ بمنّاعٍ وإنْ حُرِما
وقد أغفل أكثر المصنفين إجراء اسم المفعول مجرى الصفة، وهو يجرى مجراها مطلقا إن كان مصوغا من متعدّ إلى واحد كمضروب ومرهوب ومرفوع ومجموع، فيقال هذا مضروب العبدِ ومرهوب قوم ومرفوع قدرا، وهو مجموع الأمر وأمرَه وأمْرًا، ومجموع الأمرِ وأمْرُه كما يقال هو حسنُ الوجهِ وحسُنُ وجهٍ وحسنٌ وجْهًا وحسنٌ الوجهُ وحسن وجْهُه وحسن وجهٌ والوجهَ ووجهَه. وكذا البواقي.