نصب لأنه أراد زمانا. والشوال لا يكون زمانا ولا مكانا فيجوز فيها الجر كقولك من لدن صلاة العصر إلى وقت كذا، وكذا من لد الحائط إلى مكان كذا، فلما أراد الزمان حمل الشول على شيء يحسن أن يكون زمانا إذا عمل في الشول، كأنك قلت من لد أن كانت شولا إلى إتلائها". هذا نصه في هذا الباب. وفيه تصريح بمجيء من لابتداء غاية الزمان ولابتداء غاية المكان.
وقال في باب عدة ما يكون عليه الكلم: "وأما مِن فتكون لابتداء الغاية في الأماكن" ثم قال: "وأما مُذْ فتكون لابتداء الغاية في الأيام والأحيان، كما كانت مِن فيما ذكرت لك، ولا تدخل واحدة منهما على صاحبتها". فظاهر هذا الكلام منع استعمال "مِن" في الزمان، ومنع استعمال "مذ" في المكان. فأما منع استعمال مذ في المكان في الكلام فمجمع عليه، وأما استعمال من في الزمان فمنعه غير صحيح، بل الصحيح جوازه لثبوت ذلك في القرآن والأحاديث الصحيحة والأشعار الفصيحة، فالذي في القرآن قوله تعالى (لمسجدٌ أُسِّسَ على التّقوى من أوّل يومٍ أحقُ أن تقومَ فيه). وقال الأخفش في المعاني: قال بعض العرب من الآن إلى غد. وأما الأحاديث فمنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثلُكم ومثلُ اليهودِ والنصارى كرجل استعمال عمّالا فقال: مَن يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط ثم قال مَن يعمل لي مِن نصف النهار على قيراط قيراط فعملت النصارى مِن نصف النهار إلى العصر على قيراط قيراط، ثم قال ومَن يعملُ لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين