للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاصنع ما شئت». ومنه قول الشاعر:

إذا لم تصن عرضًا ولم تخشَ خالقًا ... وتستحي مخلوقًا* فما شئت فاصنع

إذا كنت تأتي المرء تعظم حقه ... ويجهل منك الحق فالصّرم أوسع

وإذا كان من المعلوم أن من لا حياء له لا دواء له، فلا تنفع فيه المعاتبة، كان من المتبادر أن الأولى الانصراف عنه، وتركه وشأنه كما قال الشاعر:

إذا رزق الفتى وجهًا وقاحًا ... تقلب في الأمور كما يشاء

ولم يَكُ للدواء ولا لشيء ... يعالجه به فيه غَناء

فما لك في معاتبة الذي لا ... حياء لوجهه إلا العناء

بيد أنه لما كان السكوت عن مثله، يعرِّض كثيرًا من الأبرياء للانزلاق من ورائه، والتأثر بتهمه وأباطيله، كان لا بد من الرد عليه، والكشف عن افتراءاته، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}. وفي ذلك فائدة أخرى تعود إلى الباهت نفسه ألا وهي: احتمال أن يعود إلى رشده، والتقليل من أوزاره، من جراء تقليل عدد المتورطين المضللين به الذين سوف يحمل هو أوزارهم فوق أوزاره الخاصة به كما قال تعالى:

{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ، وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}. وفي الآية الأخرى: {لِيَحْمِلُوا


* (مخلوقًا) سقطت من الطبعة الثانية، واستدركتها من الطبعة الأولى للكتاب. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <   >  >>