ولعل في هذا تذكرة وإقناعًا للذين لا تروقهم مثل هذه الردود مطلقًا، ويتمنون أنه لو صرفت مثل هذه الجهود إلى نواحٍ علمية مجردة عن المناقشة والأخذ والرد، وغالبهم ليس عندهم الروح العلمية التي تساعد على تبيّن الحقيقة مما اختلف فيه الناس، ثم على التمسك بها والدعوة إليها.
ونحن وإن كنا مع هؤلاء فيما يتمنّون، فيجب أن يتذكروا أن كثيرًا ما تجري الرياح بما لا يشتهي الملاح كما قال الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وأيضًا فإنه ليس من صفات المؤمنين أن يسكتوا على البغي والظلم، والبهت والكذب الذي يلصق بهم، وهم يجدون وسيلة مشروعة لدفعه ورده على صاحبه، خلافًا لما يُعْزى لسيدنا عيسى عليه السلام ويسميه النصارى بالآية الذهبية:
«من ضربك على خدّك الأيمن فأدر له الخد الأيسر، ومن طلب منك كساءك فأعطه رداءك، ومن طلب منك تمشي معه ميلًا فامش معه ميلين»! فليس في الإسلام شيء من هذا بل هو على إطلاقه يعارض القرآن الكريم في بيان بعض صفات عباد الرحمن المؤمنين التي منها ما أفادته الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ • وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ