جَبَيْتَ جَبَا عَبْدٍ فأَصْبَحتَ مُورِداً ... غَرَائِبَ يَلْقىَ ضَيْعَةً مَنْ يَذُودُهَا
جَبيت جمعتَ وجَبوتَ أيضاً، هذا مثلٌ، يقول: جمعتَ جمعَ عبدٍ فعجزتَ حين وردت عليك قوافيَّ أن
تنقضَها، كما يعجِزُ الضعيفُ عن ذِيادِ الغرائبِ عن الماء.
أَلمْ تَرَ يا غَسَّانُ أَنَّ عَدَاوَتِي ... تُقَطِّعُ أَنْفَاسَ الرِّجالِ كَؤُودُهَا
الكؤُودُ العقبةُ الصَّعبةُ المَصعدِ، يقال: عَقبةٌ كَؤودٌ وكَأداءُ.
قال أبو عمرو: وكان غسانُ بنُ ذُهيل حَدُثاً، أي حَسن الحديث، وكان جالساً يُنشِد لبيدَ بن عُطارد بنِ
حاجبِ بنِ زُرارة بالكُناسَة ويحدِّثُه، فجاء رجلٌ من بني عُليم بنِ جٌنابِ، ثم أحدُ بني مَصاد، يقال له
جَنباءُ، وذاك حين اجتمع الناسُ على معاوية، فقال: مَن هذا الذي يُنشِدُكم؟ قيل له: غسَّانُ بنُ ذُهيلٍ
السَّليطيُّ، فقال: أنت الذي تُغيرُ على الناس؟ فقال له غسانُ أنا الذي بلغك. فقال جَنباءُ، أما والله لو
أَغرت على رجلٍ حرٍّ بعدُ، لقد فطمك. وكانت تميمُ حالفت كَلباً بعد قتل عثمانٍ، في الفتنة، فكَفل على
بني تميم، أحدُ بني دَيسق اليربوعي، وعلى كلبٍ رجلٌ من بني عُليم. فقال غسان: هل لك أن أُخَالِعك
الحِلف وأُغاوِرَك؟ ففعل. فأغار غسَّان على الكَلبيِّ مع أخويهِ معنٍ وسَليطٍ ابني ذُهيل ودَوسرٍ بن غسان، فتَنقَّى خمسين من كرائِم إبلهِ، فبعث بها مع ابنه دَوسر إلى هَجر، فبَيَّعها فزحفت بنو ثعلبة إلى
بني سَليط، فحملها قيسُ بنُ حنظلةَ بنِ النَّطف السَّليطيُّ عن أخواله، وأُمُّ قيس بنِ حنظلة قُتيلةُ بنتُ
عبدِ عمروٍ من بني عوف بنِ حارثةَ، رهطِ غسان، فقال