[حديث المراعي وعرادة النميري]
قال سعدان، قال أبو عبيدة، قال مسمع: كان عرادة النميري نديماً للفرزدق، فقدم الراعي البصرة،
فاتخذ عرادة طعاما وشرابا، ودعا الراعي. قال: فلما أخذت الكأس منهما، قال عرادة: يا أبا جندل، قل
شعرا تفضل به الفرزدق على جرير، فلم يزل يزين له حتى قال:
يا صاحبيَّ دنا الأصيل فسيرا ... غلبَ الفرزدقُ في الهجاء جريرا
فغدا به عرادة على الفرزدق، وأنشده إياه. قال: وكان عبيد الراعي شاعر مضر، وذا سفه، فتحسب
جرير أنه مغلب للفرزدق عليه، فلقيه يوم جمعة، بعدما انصرف الناس، فقال: يا أبا جندل، إني أتيتك
لخبر أتاني، إني وابن عمي هذا نستب صباح مساء، وما عليك غلبة المغلوب ولا لك غلبة الغالب،
فإما أن تدعني أنا وصاحبي، وإما أن تكون وجه منك إلى أن تغلبني عليه. فإني وإن كنت ولابد
داخلاً بين كلبين من حنظلة أولى منك بتلك، لانقطاعي إلى قيس، وذبي عنهم، وحطبي في حبلهم،
فقال له الراعي: صدقت، نعم لا أبعدك من خير، ميعادك المربد غدا. قال فصبحه جرير، فبينما هما
يستنبث كل واحد منهما مقالة صاحبه، رآهما جندل بن عبيد الراعي، قال: فأقبل يركض على فرس
له، حتى ضرب وجه البغلة التي تحت أبيه الراعي، وقال: مالك يراك الناس واقفا على كلب من
كليب فصرفه. قال أيوب بن كسيب، قال جرير: فحميت، فقلت: أما والله يا ابن بروع، لتأتين بني
نمير بأعباء ثقال، إن أهلي ساقوا بي وبراحلتي، حتى وضعوا بقارعة الطريق بالمربد، والله ما
أكسبهم دنيا ولا أخرى، إلا لأسب من سبهم