خَبرُ يومِ قُشاوَة
وكان من حديثِ يومِ قُشاوةَ أن بِسطامَ بنَ قيس بنِ مسعود، خرج غازياً لبني يربوع حتى اطَّردَ نَعماً
لرجلين من بني سَليط، يقال لأحدِهما سُعير، والآخر حُجير، وهما ابنا سفيان من بني يربوع، فأتىَ
الصَّريخُ بني عاصمِ بن عُبيد بنِ ثَعلبة، وكانوا أدنى الناسِ منهم، فركب سبعةُ فوارسَ من بني
عاصم، فيهم بُجيرِ بنُ عبدِ الله، ومُليلُ بنُ عبدِ الله وهما ابنا الطائية، والأُحيمرُ حُريثُ بنُ عبِد الله،
ومالكُ بنُ حِطَّانِ ابنِ عوفِ بنِ عاصم، وهو مالكُ بنُ الجُرميَّة، وخرج معهم قومٌ من بني سَليط حتى
أدركوا القوم، فلما نظروا إلى جيش بسِطام هابُوا أن يُقدِموا عليهم، فقال مُليلُ بنُ أبي مُليل: يا بَني
يربوع إنه لا طاقةَ لكم بهذا الجيش إلا بمثلهِ، فأرسِلوا بُجيراً يستصرخ لكم، وإنما أمَرهُم بذلك مخافةً
عليه أن يُقتَل، فقال بُجير لا والله لا ذَهبتُ صريخاً بعد أنْ عاينتُ القومَ، فلما غلبه قال لابنِ عمه
أذهب أنت يا أُحيمر. فقال: وأنا والله لا أذهب، فقال لمالِك بن الجُرمية فاذهب أنت صَريخاً، فقال:
وأنا لا أذهب، فقال لهم مُليل بنُ أبي مُليل: فأعطوني قولاً أثِقُ به وأطمئنُّ إليه، لَتضبِطنَّ لي أنفسَكُم
ولا تُقدِموا على الجيش حتى آتِيكُم ففعلوا. وذهب مُليلٌ صريخاً، فلما ذهب، نظر إليه بسطام فقال
لأصحابه ذاك الذي يركُض، سيجلبُ عليكم شرّاً، فانظروا أن تَفرغُوا من أصحابهِ من قبل أن يأتِيكُم
الناسُ. فبرزَ بسطامُ في فرسانٍ من أصحابهِ حتى دنا من القومِ، فكلَّمُه بُجيرُ فقال له بسطام مَن أنت؟
قال: أنا بُجيرُ بنُ عبدِ الله بنِ الحارث، فقال: يا بُجيرُ ألم تكن تَزعُم أنك فَتى يربوعٍ وفارسُها؟ قال: