حديث الشقيقةِ
قال أبو عبيدة: الشقيقة كل جمد بين جبلي رمل. والجمد غلظ وصلابة، وهو أيضا يسمى نقا الحسن.
والحسن اسم رمل بعينه. قال أبو عبيدة: غزا بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن عبد الله
ذي الجدين ضبة، ومعه أخوه السليل بن قيس، ومعه دليل من بني أسد يسمى نقيداً، فلما كان بسطام
في بعض الطريق، رأى كأن آتيا أتاه فقال له: الدلو تأتي الغرب المزلة. فلما أصبح بسطام قصها
على نقيد الأسدي فتطير منها نقيد، وقال له: أفلا قلت: ثم تعود بادنا مبتلة؟ فتفرط عنك النحوس.
ووجل منها نقيد. وحدث الأصمعي بمثل حديث أبي عبيدة في رؤيا بسطام، وذهب البيتان مثلا.
قال أبو عبيدة: وذهب بسطام على وجهه فلما دنا من نقا يقال له الحسن، في بلاد بني ضبة صعده
ليربأ، فإذا هو بنعم قد ملأ الأرض، فيه ألف بعير لمالك بن المنتفق الضبي من بني ثعلبة بن بكر بن
سعد بن ضبة، قد فقأ عين فحلها - وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية إذا بلغت إبل أحدهم ألف بعير
فقأ عين فحلها ليردوا عنها العين - وإبل من تبعه كأنها الرطب، ومالك بن المنتفق فيها على فرس له
جواد، فلما أشرف بسطام النقا، تخوف أن يروه فينذروا به، فاضطجع بطنه لظهره، وتدهدى حتى
أسهل بمستوى من الأرض، وقال: يا بني شيبان لم أر كاليوم في الغرة وكثرة النعم، فلما نظر نقيد
الأسدي إلى لحية بسطام معفرة بالتراب حين أسهل، تطير له من الأولى إلى الأخرى وأخذ زلزه،
فتهيأ لفراقه والانصراف عنه، وقال: ارجع يا أبا الصهباء،