راوية جرير، قال: لقي جرير الراعي، فأخذ بيده، واعتذر اليه
الراعي، فرآهما جندل بن الراعي، فأقبل فنتر يد أبيه من يد جرير، فقال جرير: وكانت فيه غنة، أما
والله لأثقلن رواحلك، ثم أقبل جرير إلى منزله، فقال للحسين روايته: زد في دهن سراجلك الليلة،
واعدد ألواحا ودواة. قال: ثم أقبل على هجاء بني نمير. قال: فلم يزل حتى ورد عليه قوله:
فغضَّ الطرفَ إنكَ من نميرٍ ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
فقال جرير للحسين روايته: حسبك أطفئ سراجك ونم، فقد فرغت منه - يعني قتلته - قال: ثم إن
جريرا أتم هذه القصيدة بعد. قال: وكان جرير يسميها الدماغة، ويسميها الدهقانة. قال: وكان يسمي
هذه القافية المنصورة. قال: وذلك لأنه قال قصائد على قافيتها، كلهن أجاد فيها. قال سعدان: وأما
عمارة بن عقيل، فانه قال: قال جرير لراعي الإبل، وهو يزجره، أن يقع بينه وبين الفرزدق، وبلغه
عنه قول قال: فقال جرير: يا أبا جندل، إني قد كنت بهذا المصر سبع سنين، لا أكسب أهلي دنيا ولا
آخرة، إلا أن أسب من سبهم، فلا يقع بيني وبين هذا الرجل منك ما أكره، وأنت شيخ مضر
وشاعرهم، وقولك مسموع فمهلا. فقال: معاذ الله، لا أفعل ما تكره. قال: وجرير قائم لازم بعنان بغلة
الراعي، وقد قال له الراعي ميعادك وميعاد قومك غدا مجلسكم في المسجد الجامع، فأعتذر إليكم مما
بلغكم، وأرجع عما ساءكم. قال جرير: وقد بلغني أنك ترفع الفرزدق وقومه، حتى لو تقدر أن تجعلهم
في السماء لفعلت، وتقع في بني يربوع حتى تصير إليَّ في رحلي. قال وابنه جندل وراءه يسمع
ذلك، وهو على فرس له، فقال لرجل من هذا الذي أبي واقف عليه، قال له: ذلك جرير بن الخطفى.
قال: فأقبل يشتد به فرسه حتى يهوى بالسوط لمؤخر بغلة أبيه. قال: فزحمتني والله