للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال، وحدثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، أن بعض الرواة كان يوماً عند جرير، فإذا شيخ

قصير أفحج، قد أقبل حتى اعتقل عنزاً، فشرب لبنها، فقال جرير للرجل: أتدري من هذا؟ قال: لا.

قال: هذا عطية فكيف برجل يريد أن يسامي بني دارم بهذا.

قال: وحدثنا أبو عبيدة، قال: حُدثت أن عطية بن الخطفي بن بدر، لما أنشد قول الفرزدق:

فكيفَ ترى عطيّة حينَ يَلقى ... رِغاباً هامُهُنّ قُراسِيات

قال: لا! كيف والله! فقال له جرير: اسكت لأحملنك على الذرى منها قال: وحدثنا الأصمعي: أن أم

جرير قالت لجرير عرضتني لهؤلاء الكلاب. قال: اسكتي، قد ارتبطت أعقرهن وحدثنا عمارة بن

عقيل، قال: سمعت أبي يقول: دخل جرير على بعض الخلفاء فقال: ألا تخبرني عن الشعراء؟ قال:

بلى يا أمير المؤمنين، قال: فمن أشعر الناس؟ قال: ابن العشرين. قال: فما رأيك في ابني أبي سلمى؟

قال: نيري الشعر يا أمير المؤمنين. قال: فما تقول في امرئ القيس بن جحر؟ قال: كأن الخبيث اتخذ

الشعر نعلين. وأقسم بالله يا أمير المؤمنين أن لو لحقته لرفعت ذلاذله. قال: فما رأيك في ذي الرمة؟

قال قدر من طريق الشعر وغريبه وحسنه على ما لم يقدر عليه أحد. قال: فما تقول في الأخطل؟

قال: ما أخرج لسان ابن النصرانية ما في صدره من الشعر فقط، حتى مات. قال: فما تقول في

الفرزدق؟ قال: في يديه والله نبعة الشعر قابضاً عليها. قال: فما أبقيت لنفسك شيئاً. قال: بلى، والله يا

أمير المؤمنين إني لأنا مدينة الشعر، التي يخرج منها، ويعود إليها، ولأنا سبّحت الشعر تسبيحاً، ما

سبّحه أحد قبلي. قال: وما التسبيح؟ قال: نسبت فأطريت. وهجوت فأرديت. ومدحت فأسنيت وأرملت

فأغزرت. ورجزت فأنجزت. فأنا قلت ضروب الشعر كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>