للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلحان أن يكونا مرسلين من هذا العظيم، في هذا العظيم، وهو بعينه جار في الثالث.

وللفاضل المحشي للشرح وجه آخر، وهو أن في المرة الأولى والثانية متعلقان إما بقال أو بالحكاية لا بكذبوا، فلا يلزم تكذيب الرسل في المرة الأولى، ولا ينافي كون المكذب اثنين لا غير، ولا يتجه عليه ما توهمه أنه حينئذ لا يكون المحكي عنه رسل عيسى بل رسولين؛ لأن القول المرسل بعد تكذيب الاثنين فهم المحكي عنهم.

نعم، يتجه أن المحكي عنهم ليس قولهم وقت تكذيب الثلاثة بعد تكذيب الاثنين، ويحتاج إلى اعتبار وقت تكذيب الثلاثة، ممتدا من وقت تكذيب الاثنين إلى وقت تكذيب الثلاثة، كما يحتاج في توجيهها إلى اعتبار وقت تكذيب الاثنين ممتدا إلى وقت قول الثلاثة وتوجيه الشارح وإن استغنى عنه لكن احتاج إلى جعل تكذيب الاثنين تكذيبا للثلاثة قبل إخبارهم، فلكل وجهة هو موليها، والفاضل المحشي أجاب عن إشكاله بما لا يكشف إلا عن إهماله، فليكتف بحكاية سؤاله، وكشف حاله.

(في المرة الأولى) متعلق بما عرفت في المرة الأولى أو الثانية إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١) مقول قال، أو قولهم على اختلاف القولين أكد للمنكر في أول مرتبة الإنكار (بأن) وخلو الجملة عن الدلالة على الزمان، مع أن الظاهر فيها:

إنا إليكم أرسلنا؛ إذ خلو الجملة عنها والعدول عنها يشعر بدعوى الاستمرار الدال على المبالغة في تحقق مضمون الجملة؛ لأن تأكيد المنكر فوق تأكيد المتردد، كما أرشدت، وهذا مزيد إرشاد: وعدت فلا تغفل.

ولعل هذا مراد الشارح بقوله: مؤكدا باسمية الجملة، وإلا فاسمية الجملة من ضرورات إيراد كلمة إن فيخفى دلالتها على التأكيد.

(وفي) المرة (الثانية إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) (٢) يعني لما ظهر زيادة إنكارهم أكد على قدر ما ظهر من مراتب إنكارهم، لأنهم لم يقتصروا في المرة الثانية على


(١) يس ١٦.
(٢) يس: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>