للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الأول

[(أحوال الإسناد الخبري)]

قدم أحوال الإسناد لأن المقصود بالذات من الخبر الإسناد، والمسند، والمسند إليه، إنما يقصدان لأجله، ولأنه يتم الكلام به بخلاف الطرفين؛ ولأن البحث عن المسند إليه من حيث إنه كذلك لا عن ذات المسند إليه، والإسناد متقدم عليه، وإن تأخر عن ذاته، وقدم أبحاث الخبري لكون الخبر أعظم شأنا وأعم فائدة؛ لأنه هو الذي يتصور بالصور الكثيرة، وفيه تقع الصياغات العجيبة، وبه يقع غالبا المزايا التي بها التفاضل، ويتوقف عليه فوائد الإنشاء، لأنه ما لم يعلم أنه موضوع لكذا، وقصد المتكلم به كذا وهيئته المبحوث عنها في التصريف كذا، وكذا، لم يفد، ولكونه أصلا في الكلام؛ لأن الإنشاء يحصل منه باشتقاق كالأمر والنهي، أو نقل كعسى ونعم، وبعت واشتريت، أو زيادة أداة كالاستفهام والتمني، وما أشبه ذلك.

ولا يذهب عليك أن في جعل الأمر مطلقا وجعل النهي حاصلا من الخبر باشتقاق كما في الشرح بحثين: أحدهما: ظهور أنه لا فرق بين الأمر باللام والنهي، وبين الاستفهام، في أن كلا بزيادة أداة. وثانيهما: أنه صرح الشارح والسيد السند في شروح الكشاف أن المشتقات كلها مشتقة من المصدر، وعباراتهم المخالفة لذلك مؤولة. فقولهم: اسم الفاعل ما اشتق من فعل مؤول بما اشتق من مصدر فعل، فكيف يحكم بأن النهي مشتق من الخبر.

واعلم أن الشيخ الرضي (١) لم يجعل المشتق من الخبر إلا الأمر بغير اللام؛ لكنه قال: إنه مشتق من تضرب بالاتفاق، ففيه تأييد لبعض ما ذكرنا، وتزييف لبعض، فتدبر.

والإسناد الخبري هو ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى الأخرى بحيث يفيد أن


(١) الرضي: هو الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر الصاغاني رضي الدين، أعلم أهل عصره في اللغة ولد في الهند عام ٥٧٧ هـ وتوفي في بغداد عام ٦٥٠ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>