(إن كان أحد لفظيه مركبا سمي جناس التركيب) وإن كان الآخر مفردا وإن لم يكن أحد لفظيه مركبا فلا اسم له على إطلاقه، بل المسمى بالاسم فسماه كما مر. فمثال ما يكون كلا لفظيه مركبا ما مثل به المتشابه والمفروق، ومثال ما يكون أحد لفظيه مفردا قوله:
مطا يا مطايا وجدكنّ منازل ... منّا زلّ عنها ليس عنّي بمغلغ
فمطا فعل ماض، ويا حرف النداء، ومطايا هو المنادى، وأحد لفظي الجناس المركب من الفعل والحرف، والآخر مطايا جمع مطية والإقلاع عن الشيء الكف عنه، ومعنى البيت: أطال وجدكن وخرنكن منازل متكبرة قطعتهن متابعتي تقدير موت ظهر عليكن مخايله من شدائد الطريق، وزل عنكن راسخ في لا يمكن قلعه عني، فلا يمكن نجاتي عنه؛ لأن سببه هوى لا يزول وجوى هجر ليس معه رجاء الوصول، فقوله زل عنها ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة والضمير لمطايا، فقول الشارح وأيضا إن كان أحد لفظيه مركبا والآخر مفردا ليس كما ينبغي فإن ذاهبه مركبة من حرف التأنيث والاسم، وتركيب جاملنا ظاهر غاية الظهور، وبناء الأمر على أن ذاهبه في حكم الكلمة الواحدة، ولذا أجرى الإعراب على التاء، والمقصود بالتمثيل حامل، وحامل لا جام لنا وجاملنا تكلف لا يدعو إليه داع، مع أنه يخرج حينئذ من البيان التجنيس بين جام لنا وجاملنا، وكذا بناءه على ما قيل إن اسم لا وخبرها لا يعدان لفظا واحدا لا حقيقة ولا عرفا، بخلاف الفعل والمفعول مع استتار الفاعل نحو: جاملنا فإنهما يعدان في العرف لفظا واحدا تكلف مع أن شيئا منهما لا يجرى فيما مثل به للمعروف في الإيضاح من قوله:
لا تعرّضن على الرّواة قصيدة ... ما لم تبالغ قبل في تهذيبها
فمتى عرضت الشّعر غير مهذّب ... عدّوه منك وساوسا تهذي بها
فإن اتفقا يعني إذا عرفت جناس التركيب.
(فإن اتفقا) أي لفظا المتجانسين اللذان أحدهما مركب سواء كان الآخر مفردا كما عرفت أو مركبا كما في المثالين (في الخط) أيضا (خص باسم المتشابه)