للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فى بيان «كمال الانقطاع»]

(فإن كان بينهما) أي: بين الجملتين (كمال الانقطاع بلا إيهام) من الأقسام العقلية كمال الاتصال مع إيهام وشبه كمال الاتصال معه، ولم يتعرضوا لهما فكأنهما لم يوجدا، (أو كمال الاتصال أو شبه أحدهما فكذلك) يتعين الفصل، وفيه أنه مع شبه كمال الانقطاع لا يتعين الفصل، بل الفصل أولى للاحتياط على ما سمعته مما نقلناه من «المفتاح»، إلا أن يقال: فرق بين المتعين والواجب والأولى أيضا متعين عند البليغ، (وإلا) أي: وإن لم يكن بينهما واحد من الثلاثة، وذلك بأن يكون توسط بين الكمالين أو إيهام مع كمال الانقطاع، (فالوصل) متعين إما في الأول فلتحقق المناسبة والمغايرة، وإما الثاني فللضرورة، ووجه تعين الفصل مع شبه كمال الانقطاع عدم المناسبة؛ لأن المناسبة مع المانع عن رعايتها كالعدم، ومع كمال الانقطاع بلا إيهام ظاهر، ومع كمال الاتصال عدم المغايرة، ومع شبه كمال الاتصال عدم المغايرة المحوجة إلى العطف في الربط؛ فالمقامات ستة، أخذ المصنف في تفصيلها على ترتيب أدى إليه التقسيم.

لكن لم يتعرض في التقسيم الأول لعدم الإيهام؛ لأنه مستغن عن البيان واكتفى بقوله: (أما كمال الانقطاع فلاختلافهما خبرا وإنشاء) أي: في الخبرية والإنشائية، والأولى خبرية وإنشائية، ولو اكتفى بكونه خبرا أو إنشاء لكفاه؛ لأن اختلاف الجملتين في الخبرية أن يكون إحداهما خبرا دون الأخرى.

والجملة إذا لم تكن خبرا فلا محالة تكون إنشاء وكذا الإنشائية (لفظا ومعنى) مصدران للاختلاف أي: اختلافا لفظيا أو معنويا بأن يكون إحداهما خبر لفظا ومعنى، والأخرى إنشاء كذلك، وهو الشايع أو تكون إحداهما خبرا لفظا، إنشاء معنى، والأخرى بعكس ذلك، وهو مما لم يعثر عليه (نحو:

وقال رائدهم أرسوا نزاولها ... فكلّ حتف امرئ يجري بمقدار) (١)

الرائد الذي يتقدم القوم لطلب الماء والكلأ. وأرسوا من أرسيت السفينة


(١) البيت للأخطل، وهو أبو مالك غياث بن غوث التغلبي النصراني، شاعر أموي، انظر الكتاب: ٣/ ٩٦، خزانة الأدب: ٩/ ٨٧، معاهد التنصيص ١/ ٢٧١، والمفتاح: ٢٦٩، وشرح المرشدي على عقود الجمان ١/ ٢٠٢، والإيضاح: ١٥١، والمصباح: ٦٤ بلفظ: «فقال قائلهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>