للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأولى أن يجعل الذات المذكورة بعدها مقصودة بالنسبة ويكتفي بما حصل به من الإيضاح وأن ليس قصد الإيضاح فى البدل كقصده فى عطف البيان (نحو قوم صديقك خالد) فخالد عطف بيان لو كان المقصود بالنسبة صديقك ولو قصد إلى النسبة إلى الخالد فيتأكد النسبة ويستقر مقره؛ لأن حق الذات أن يعبر باسمه لا بالصفة، وحق الصفة أن يجرى على الغير فخالد بدل، وعلى التقديرين يشعر النظم بأن الخالد علم فى كونه صديقك وتوجيهه عرفت، وكأن المصنف رجح احتمال كون الموصوف الجارى على الصفة عطف بيان فمثل به له.

قال ابن الحاجب: التمثيل للتوضيح فلا يحسن بما يحتمل الغير احتمالا يساوى احتمال المقصود فضلا عما يحتمل احتمالا راجحا فوضع البيان للإيضاح وأن يتفرع عليه فوائد أخر بخلاف غيره من الصفة والبدل، فإن وضعهما ليسا للإيضاح بل لأمر آخر، وأن يتفرع عليه الإيضاح ويقصد أحيانا وللتنبيه على مشاركة الوصف فى الإيضاح فى بعض الأحيان قال السكاكى فى بحث البيان: قوله علت كلمته:

لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ (١) من هذا القبيل فظن أنه جعل الاثنين والواحد عطف بيان، وقد عرفت أنهما صفتان للبيان، وقد طول الكلام فيه فى الشرح بما هو أجدر بالطرح، ومما خفى على الأنظار ولم يظفر لسان قلم بالإظهار ونسخت فيه الأذكار أن عطف البيان يصح أن يكون من غير المتكلم بمتبوعه فإن شأنه التوضيح والأكثر من توضيحك لكلام الغير، لكن العادة جرت بتصديره بحرف التفسير «أى» أى فتقول لتفسير قول من قال: جاء رجل أى:

زيد ولا اختصاص بعطف البيان هذا بالتابع بل هو فى كل لفظ شائع ذائع كالتأكيد اللفظى فتقول فى تفسير قلت أى ضربت ضربا شديدا هذا على ما هو الراجح المشهور فيما بين الجمهور، فإن خالفتهم فى ذلك وتبعت المفتاح والمستوفى وضع وديعتنا هذه فى بحث العطف بالحرف، فلا نزاع معك بعد حفظها فى الظرف.

[وأما الإبدال منه]

(وأما الإبدال منه) أى لإيراد البدل من المسند إليه فقد جعل المبدل منه مسندا إليه وأن ليس القصد إلى الإسناد إليه بل إلى البدل، وإنما أسند إليه


(١) سورة النحل: الآية (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>