قال الشارح: وهو الحق لكمال وضوح فساد ما ذكره المصنف، ورجح كونه هفوة منه على أن يتكلف التصحيح كلامه؛ لأنه لا يمكن تصحيحه إلا بتكلفات، ولا يطيقها اللسان، ويضيق عنهما الأوان، فارجع إلى الشرح إن اشتهيت البيان، ونحن نقول بتوفيق المستعان: قد خالف المصنف المفتاح في جعل قصر التعيين تحت قوله مكان آخر، ومكان أخرى، لا تحت قوله: دون آخر، ودون أخرى بجامع بين قصر القلب، وبينه هو أنهما لمن اعتقد الاتصاف بالنظر إلى أحد الأمرين، لا بالنظر إليهما، وبأنهما لرد اعتقاد المخاطب، العكس بيانه أنه مخاطب قصر التعيين في طلب التعيين في عرضة الخطأ في التعيين، وعلى تقدير خطئه في التعيين يرده القصر إلى العكس، فقصر التعيين لرد الخطأ بالقوة كما أن قصر القلب لرد هذا الخطأ بالفعل، ولا فرق بين خطأين يرد بهما، إلا بأنه في قصر التعيين بالقوة، وفي قصر القلب بالفعل، فظهر أن الحق مع المصنف، ولا هفوة منه، وبهذا ظهر كون قصر التعيين لرد الخطأ وإن أشكل على الفحول (ويسمى قصر إفراد لقطع الشركة) المعتقدة على ما حققه المصنف، ولقطع الشركة المعتقدة، أو بحسب التجويز على ما زعم المفتاح.
(وبالثاني من يعتقد العكس) أي: عكس الحكم الذي اشتمل على القصر (ويسمى قصر قلب) لأن الغرض منه قلب ما عند المخاطب، هكذا كلمتهم، وينبغي أن يجوز أن يكون المخاطب به من اعتقد ثبوت الحكم لمن نفاه، وجوز ثبوته للآخر فثبته للآخر وتنفيه عما أثبته له (لقلب حكم المخاطب أو تساويا عنده ويسمى قصر تعيين) لأنه يقطع الاحتمال الذي عند المخاطب، قال الشارح: هذا التقسيم لا يجري في القصر الحقيقي؛ إذ العاقل لا يعتقد اتصاف أمر بجميع الصفات، ولا اتصافه بجميع الصفات غير صفة واحدة، ولا تردده أيضا بين ذلك، وكذا لا يعتقد اشتراك صفة بين جميع الأمور، ولا ثبوتها للجميع غير واحدة، ولا ترددها أيضا بين الجميع، وفيه نظر؛ لأن القصر الحقيقي يصح أن يكون لرد اعتقاد أن في الدار زيدا مع إنسان، فيقال في رده: ما في الدار إلا زيد؛ لأنه لا بد لنفي إنسانها من عموم النفي، كما لا يخفى لصحة قولنا: ما في البلد من علمائه إلا زيد لمن اعتقد أن جميع علمائه في البلد، أو تردد المسند بين