للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهل والموت عدم الانتفاع كان أيضا صوابا.

[والمركب الحسي فيما طرفاه مفردان]

(والمركب الحسي) من وجه الشبه لا يكون طرفاه إلا حسيين فلم ينقسم باعتبار حسية الطرفين وعقليتهما واختلافهما، لكن ينقسم باعتبار أفراد الطرف وتركيبه، ولم يشر إلى تقسيم الطرف إلى المركب والمفرد والمختلف؛ لأنه يحصل في ضمن تقسيم الوجه باعتباره، ولم يكتف بذلك في تقسيم الطرف إلى الحسي والعقلي والمختلف تنبيها على أن الطرف أيضا مقصود بالبحث كالوجه، وليس أحدهما تبعا للآخر.

وفي الشرح إنما قسم وجه الشبه المركب (١) هذا التقسيم دون الواحد؛ لأن معنى تركيب وجه الشبه أن يكون هيئة منتزعة من أشياء تشترك فيه هيئتان منتزعتان كذلك بأن يعمهما تلك الهيئة والطرف المركب بأن يكون هيئة منتزعة من أشياء؛ إذ لا معنى لتركيب الطرف وتركيب وجه الشبه إلا ذلك، فلا يمكن تشبيه المركبتين إلا بالاشتراك في مركب يعمهما، فلا يمكن أن يكون طرفا وجه الشبه الواحد مركبين.

هذا تنقيح كلامه، ولا بد من بيان أنه لا يجري هذا التقسيم في وجه الشبه المتعدد، وأنه لا يكون طرفا الواحد مختلفين أيضا، حتى يتم وجه التخصيص ويتبين عدم صحة الاختلاف لما ذكره من أن التشبيه في الهيئة إنما يكون باشتراك الهيئتين فيها، ولا يتم عدم الجريان في المتعدد ما لم يتبين أنه لا يمكن تشبيه الهيئتين المنتزعتين يجوز أن يكون في غير الهيئة من كونهما معجبتين أو مرتين أو مرغوبتين أو مكروهتين، إلى غير ذلك.

فيصح أن يكون الواحد من وجه الشبه طرفاه مفردين ومركبين ومختلفين.

فإن قلت إذا كان معنى التركيب ما حققته، فكيف صح قول السكاكي: وجه الشبه إما واحد أو غير واحد، وغير الواحد إما في الحكم الواحد؛ لكونه إما حقيقة ملتئمة وإما أوصافا مقصودا من مجموعهما إلى هيئة واحدة أو لا يكون في


(١) عرفه عبد القاهر الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة بقوله: «هو التشبيه الذي يتحد فيه المشبه والمشبه به» وفرق بينه وبين المتعدد بقوله: «ويكون مركبا من شيئين أو أكثر وهو غير التشبيه المتعدد الذي يكون جمعا للصور التشبيهية من غير تركيب».

<<  <  ج: ص:  >  >>