للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك العطف (عطف عليهما كالمفرد) أي: كعطف المفرد على المفرد وفي هذا التشبيه إشعار بوجه حسن العطف أي: كما أن العطف في مقام قصد تشريك المفرد، مقبول كذلك في هذه الجملة؛ لأن الجملة التي لها محل من الإعراب واقعة موقع المفرد، ولما كان عطف المفرد على المفرد يشترط في قبوله الجهة الجامعة فرّع على التشبيه قوله:

[فشرط كونه مقبولا بالواو]

(فشرط كونه مقبولا بالواو ونحوه) مما لا يدل إلا على مطلق الجمع، وهل هي متحققة في كلام العرب لم توجد على سبيل الحقيقة ولا مانع من التجوز كما قيل إن «ثم» في قوله:

عدل ووصف وتأنيث ومعرفة ... وعجمة ثمّ جمع ثمّ تركيب

بمعنى الواو لضرورة الشعر. وكما قال الكوفيون إن «أو» في قوله تعالى:

إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١) بمعنى الواو، وكما قال المصنف في التذنيب من الإيضاح: إن الفاء يجيء بمعنى الواو، وجعله منه.

ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني ... فمضيت ثمّة قلت لا يعنيني (٢)

واستشهد عليه بخبر عبد الله بن عتيك فإن أردته فارجع إليه ويؤيد أن ما ذكر نحوه لمراعاة ما في معناه تجوزا أنه قال فما بعد إن قصد ربطها بها على معنى عاطف سوى الواو، ولم يقل على عاطف سوى الواو فالمراد بالواو الواو المستعمل في معناه الحقيقي، حتى يدخل الواو بمعنى «أو» في غير الواو، ولما لم يعلم وجود العاطف بمعنى الواو تجوزا في كلام البلغاء لم يبال المفتاح بالاحتمال، ولم يذكر قوله تعالى ونحوه، وقد صعب ذكره حتى قرئ منصوبا عطفا على مقبولا ومجرورا عطفا على الضمير المجرور على المذهب الضعيف، وفسر المنصوب بنحو المقبول من المستحسن والقريب من الطبع، وهو كما ترى، وفسر المجرور بنحو عطف الجملة


(١) الصافات: ١٤٧.
(٢) البيت لعميرة بن جابر الحنفي، وهو منسوب لشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات: ١٢٦: ولعميرة بن جابر في حماسة البحتري: ١٧١، وانظر البيت في الدرر: ١/ ٧٨، وشرح التصريح ٢/ ١١، وخزانة الأدب: ١/ ٣٥٧، ٣٥٨/ ٣/ ٢٠١، ٤/ ٢٠٧، ٢٠٨، ٥/ ٢٣، ٥٠٣، ٧/ ١٩٧، ٩/ ١١٩، ٣٨٣، والخصائص: ٢/ ٣٣٨، ٣/ ٣٣٠، وشرح شواهد الإيضاح: ٢٢١، ولسان العرب (ثمم)، (منى)، ودلائل الإعجاز: ٢٠٦، والإشارات والتنبيهات: ٤٠، والمفتاح: ٩٩، وشرح المرشدي على عقود الجمان ١/ ٦٢، والتبيان للطيبي ١/ ١٦١، والإيضاح: ٤٩، ١٦٥ بتحقيقي (ط) دار الكتب العلمية بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>