للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما زلت في ليلين شعر وظلمة ... وشمسين من خمر ووجه حبيب (١)

ويخرج عن التوشيع بقوله ثانيهما معطوف على الأول مثل قولنا: يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان: أحدهما الحرص، وطول الأمل.

[وإما بذكر الخاص بعد العام]

إن اللايق جعله منه فتأمل. (وأما بذكر الخاص بعد العام) هذا بظاهره يصدق على التوشيع، وباب نعم ودفعه أن يراد بالعام ما يندرج الخاص فيه بحكمه لا مجرد ما يكون الخاص فردا منه فلا يرد الخاص الذي هو صفة أو بدل من العام.

قال الشارح المحقق: يعني بذكره بعد أن يكون معطوفا عليه، فلو قال: وأما بعطف الخاص على العام لكان أوضح وفيه نظر؛ لأن قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ (٢) من قبيل ذكر الخاص بعد العام بلا شبهة مع أن جبريل وميكال عطفان على لله على ما هو الأصح، فلا يصح أن يقال: وأما بعطف الخاص على العام، ويستفاد من الكشاف في تفسير قوله تعالى: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٣) أن الخاص المذكور بعده لا يجب أن يكون مندرجا تحته بحكمه، بل لو ميّز عن العام وأخرج عنه مع مشاركته لما قصد بالعام في حكمه يكون من هذا القسم حيث قال: فإن قلت: لم أخر الشمس والقمر؟ ، قلت: أخرهما ليعطفهما على الكوكب على طريق الاختصاص بيانا بفضلهما واستدادهما بالمزية على غيرهما من الطوالع كما أخر جبريل وميكال من الملائكة ثم عطفهما عليها كذلك، هذا كلامه، وحينئذ لا يتم ما وجهنا به كلام المتن (للتنبيه على فضله) أي: على مزية الخاص (حتى كأنه ليس من جنسه) أي: من جنس العام (تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات) يعني لما امتاز عن سائر أفراد العام بما له من الأوصاف الفاضلة، جعل كأنه شيء آخر مغاير للعام مباين له، ولا يشمله العام ومما لا يبعد عن الاعتبار أن يعطف الخاص على العام تنبيها على


(١) البيتان لعبد الله بن المعتز، وهما في الإيضاح: ١٩٠.
(٢) البقرة: ٩٨.
(٣) يوسف: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>