(الفن) في اللغة الضرب، أي: النوع، أو التزيين، وكلا المعنيين يناسب ما سماه فنا؛ لأنه في بيان نوع من مسائل تتعلق بالبلاغة، ويزين باستعانتها الكلام.
(الثالث) أي: الواقع في المرتبة الثالثة من الفنون الثلاثة، فالمعنى: الفن الذي هو ثالث الثلاثة؛ لأن الفنون مرتبة في تحصيل البلاغة وتكميلها، أو ثالث الفنين فإنه جعل الفنين المتعلقين بالبلاغة السابقين عليه ثلاثة.
([الفن الثالث] علم البديع)
هو في اللغة: المبتدع اسم فاعل أو مفعول فإضافة العلم إلى الأول إضافة إلى الفاعل، وعلى الثاني إلى المفعول، أي: علم مبتدع الكلام، فإن من زين كلامه بهذه المحسنات فقد أتى بكلام مبتدع، أو علم متعلق بكلام المبتدع، وقد جاء بمعنى الحبل الذي فتل، فالكلام الذي تم تزيينه بهذه المحسنات كالحبل الذي فتلت أوتاره وثلثت ثم فتلت في المثانة.
(وهو علم) فسر الشارح المحقق العلم في تعريفي المعاني والبيان بملكة يقتدر بها على تفصيل إدراكات جزئية متعلقة بأصول وضعها واضع الفن، وجوز أن يراد نفس تلك الأصول، وزاد المحقق المحشي شريف زمانه تجويز إرادة التصديقات بتلك الأصول، بل رجحها.
فمعنى قوله (يعرف به وجوه تحسين الكلام)(١): أنه يعرف به كل وجه جزئي يرد على سامع الكلام البليغ أو المتلفظ به مما أورد في هذا الكلام، أو أريد إيراده بمقتضى استعمال المعرفة الشائعة في إدراك الجزئي على طبق ما ذكره ذلك الشارح الجليل، في تعريف علم المعاني من التفصيل فما ذكره هنا في شرح قوله:«يعرف به وجوه تحسين الكلام» من قوله أي: يتصور معانيها، ويعلم أعدادها وتفاصيلها بقدر الطاقة محل نظر؛ إذ تصور معانيها إشارة إلى ما يحصل من
(١) يعني بمعرفتها تصور معانيها والعلم بأعدادها وتفاصيلها ومنشأ الحسن فيها، وهذه الوجوه هي المحسنات المعنوية واللفظية الآتية، وإنما سميت محسنات؛ لأنها ليست من مقوّمات البلاغة ولا الفصاحة، فالحسن الذي تحدثه في الكلام عرضيّ لا ذاتي. [بغية الإيضاح ٤/ ٣].