للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[والتشريع]

(ومنه التشريع) ويسمى الترشيح، وذا القافيتين أيضا (وهو بناء البيت على قافيتين) لا يخفى أن معنى بناء البيت على قافيتين أن يكون البيت بحيث يتم عندي قافية وقفت، فلذا اكتفى بقوله: يصح المعنى عند الوقوف على كل منهما، أي القافيتين، ولم يقل يصح المعنى والوزن. وقال الشارح لفظ القافيتين أغنى عنه، إذ القافية لفظ في آخر البيت، فلو لم يصح الوزن لم يكن قافية (كقوله) أي الحريري [يا خاطب] من خطب المرأة خطبا [الدّنيا الدّنيّة] أي الخسيسة [إنّها شرك] هو الحبالة للصيد [الرّدى] الهلاك [وقرارة] مقر [الأكدار] (١) جمع كدر كفرس بمعنى الكدورة أو كدر ككتف بمعنى الصفة، فلهذا البيت قافيتان إحديهما كالردى، والثانية دار، وعلى أيهما وقفت يصح معنى البيت، وبناء البيت على قافيتين أقل ما يجب في الترشيح، ولا يقتصر عليه كما يشعر به التسمية بذا القافيتين، ونظيره الكلام ما يضمن كلمتين في وجه، وإذا تنازع الفعلان ومثله غير عزيز في كلامهم، على أنه قال الشارح في المختصر: إن البناء على أكثر قليل متكلف.

[ومنه لزوم ما لا يلزم]

(ومنه: لزوم ما لا يلزم) ويقال له الالتزام والتضمن والتشديد والإعنات أيضا، لما أن المتكلم شدد على نفسه، وأوقعه في العنت أي المشقة (وهو أن يجيء قبل حرف الروى) فسر بأنه حرف تبنى عليه القصيدة، وينسب إليه فيقال: قصيدة لامية، أو نونية، هذا ولا تخص القصيدة بل حقيقة في كل شعر، والأولى يبنى عليه الشعر، يقال ماء روى أي كثير مرو، فالشعر يرتوي عنده عن التأليف والتركيب، أو المتكلم به يرتوي به عنده عن التكلم، وهذا أولى من قول الشارح: لأن البيت يرتوي عنده؛ لأنه لا يظهر ما يرتوي عنه البيت عنده إلا أن يتكلف، يقال يرتوي عن الامتداد، وهذا هو الوجه في التسمية، وأما جعله من رويت البعير بمعنى شدت عليه الرداء بكسر الراء وهو الحبل الذي يجمع به الأحمال أو من رويت الحبل أي فتلته، لأن الفتل يجمع بين قوى الحبل أي طاقاته، كما أن الروى يجمع بين الأبيات كما قال الشارح المحقق-


(١) البيت للحريري في مقاماته: ١٩٢، والمصباح: ١٧٦، وبعده:
دار متى أضحكت في يومها ... أبكت غدا تبا لها من دار
غاراتها لا تنقضي وأسيرها ... لا يفتدى بجلائل الأخطار

<<  <  ج: ص:  >  >>